تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَلۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (47)

وهذا أمر قاطع لازم يجب تنفيذه وإطاعته ، يعني : وأمرناهم بالعمل بالإنجيل ، واتّباعه وعدم تحريفه . وقد جاء في الإنجيل الصحيح بشارةٌ بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة ، ولكن ذلك أُخفيَ وحُرّف . وكان عند النصارى عدد كبير من الأناجيل يربو على الخمسين ، لكنهم في مجمع نيقية ( سنة 325 ميلادية ) اعتمدوا هذه الأربعة المتداولة الآن وحرقوا ما عداها . وقد وُجد إنجيل منسوبٌ إلى برنابا ، تلميذِ المسيح ، وتُرجم وطُبع عدة مرات ، وفيه البشارة واضحةٌ بالنبيّ في عدة أماكن . وهو قريب جداً من القرآن وتعاليمِه ، لكن النصارى لا يعترفون به ويقولون إنه مزّيف .

{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ الله فأولئك هُمُ الفاسقون }إن كل من لم يتقيد بالأحكام بشرائع الله لهو من الخارجين عن حكم الله ، المتمردين عليه . والنص هنا عام . وصفة الفسق تضاف إلى صفتي الكفر والظلم من قبل . فالكفر برفض ألوهية الله ممثِّلاً ذلك في رفض شريعته ، والظلم بحمل الناس على غير شريعة الله ، والفسق بالخروج عن منهج حكم الله واتباع طريق غير طريقه .

فالله سبحانه وتعالى يعرض هذه المسألة بأنها إيمان أو كفر ، لا وسَط في هذا الأمر ، فالمؤمنون هم الذين يحكمون بما أنزل الله ، والكافرون الظالمون الفاسقون هم الذين لا يحكمون بما أنزل الله . فإما أن يكون الحكّام قائمين على شريعة الله كاملة فهم من أهل الإيمان ، وإما أن يكونوا قائمين على شريعة أخرى فهم من أهل الكفر والظلم والفسق . وكذلك الديانات .

قراءات :

قرأ حمزة : وليحكم ، بكسر اللام ونصب الميم ، والباقون بجزم الميم كما هو هنا في قراءة المصحف .