فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (47)

قوله : { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَا أَنزَلَ الله فِيهِ } هذا أمر لأهل الإنجيل بأن يحكموا بما أنزل الله فيه ، فإنه قبل البعثة المحمدية حق ، وأما بعدها فقد أمروا في غير موضع بأن يعملوا بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الناسخ لكل الكتب المنزلة . وقرأ الأعمش وحمزة بنصب الفعل من يحكم على أن اللام لام كي ، وقرأ الباقون بالجزم على أن اللام للأمر .

فعلى القراءة الأولى ، تكون اللام متعلقة بقوله : وآتيناه الإنجيل ليحكم أهله بما أنزل الله فيه ، وعلى القراءة الثانية : هو كلام مستأنف . قال مكي : والاختيار بالجزم ، لأن الجماعة عليه ، ولأن ما بعده من الوعيد والتهديد يدلّ على أنه إلزام من الله لأهل الإنجيل . وقال النحاس : والصواب عندي أنهما قراءتان حسنتان ؛ لأن الله سبحانه لم ينزل كتاباً إلا ليعمل بما فيه .

/خ50