الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (47)

فما تصنع بقوله ( وليحكم ) قلت : اصنع به ما صنعت بهدى وموعظة حين جعلتهما مفعولاً لهما ، فأقدّر : وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله آتيناه إياه . وقرئ : «وَلْيحكُمْ » على لفظ الأمر بمعنى : وقلنا ليحكم . وروي في قراءة أبيّ : «وأن ليحكم » ، بزيادة ( أن ) مع الأمر على أنّ ( أن ) موصولة بالأمر ، كقولك : أمرته بأن قم كأنه قيل : وآتيناه الأنجيل وأمرنا بأن يحكم أهل الإنجيل . وقيل : إن عيسى عليه السلام كان متعبداً بما في التوراة من الأحكام ؛ لأن الإنجيل مواعظ وزواجر والأحكام فيه قليلة . وظاهر قوله : { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَا أَنزَلَ الله فِيهِ } يردّ ذلك ، وكذلك قوله : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً ومنهاجا } [ المائدة : 48 ] وإن ساغ لقائل أن يقول : معناه : وليحكموا بما أنزل الله فيه من إيجاب العمل بأحكام التوراة .