التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{كَمَآ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ} (5)

قوله تعالى : { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون 5 يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم يظنون 6 وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلمته ويقطع دابر الكافرين 7 ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون } .

الكاف في قوله : { كما } للتشيبه ، وفيها ثلاثة أوجه : الأول : أنها في موضع نصب صفة لمصدر محذوف دل عليه الكلام . وتقديره : قل الأنفال ثابتة لله والرسول ثبوتا كم أخرجك ربك .

الثاني : أنها صفة لمصدر محذوف وتقديره : يجادلونك جدلا كما أخرجك .

الثالث : أنها وصف لقوله : { حقا } وتقديره : أولئك هم المؤمنون حقا كما أخرجك{[1619]} .

واختلف المفسرون في السبب الجالب لهذه الكاف في قوله : { كما أخرجك ربك } فقد قيل في معنى ذلك : إن الله تعالى يقول : كما أنكم لما اختلفتم في المغاني وتخاصمتم وتشاححتم فيها فانتزعها الله منكم وجعلها إلى قسم الله ورسوله فقسمها بينكم على التسوية والعدل ؛ لكون ذلك هو المصلحة الكاملة لكم ، وكذلك لما كرهتم الخروج لقتال ذات الشوكة ، وهم النفير الذين حرجوا لإحراز عيرهم والقتال دون أصنامهم وشركهم ، فكان عاقبة كرههم للقتال أن قدره الله عليكم فجمع به بينكم وبين عدوكم على غير ميعاد فكتب لكم فيه النصر والخير { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } وقيل : معنى ذك : كما أخرجك ربك يا محمد من بيتك بالحق على كره من فريق من المؤمنين كذلك هم يكرهون القتال ؛ فهم يجادلونك فيه بعدما تبين لهم{[1620]} .


[1619]:البيان لابن الأنباري جـ 1 ص 383.
[1620]:تفسير ابن كثير جـ 2ص 286 وتفسير الطبري جـ 9 ص 122.