قوله تعالى : { كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون } الكاف في قوله : { كالذين } في موضع نصب صفة لمصدر محذوف وتقديره : وعدا كما وعد الذين من قبلكم{[1845]} ؛ أي قل لهؤلاء المنافقين الخائضين المستهزئين بالله وآياته ورسوله إنكم كنتم تستهزئون كما استهزأ الذين من قبلكم من الأمم ؛ إذ فلعوا ما فعلتم من الاستهزاء ، فأخذهم الله بذنوبهم فاحذروا أن يحل بكم من العقاب ما حل بهم ، مع أنهم كانوا أعظم منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا .
قوله : { فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم } الخلاق ، معناه النصيب{[1846]} . يبين الله لهؤلاء المنافقين أن الذين من قبلهم من الأمم السابقة تمتعوا بنصيبهم وحظهم من ملاذ الدنيا . وكذلك أنتم تمتعتم بنصيبكم كما تمتع الذين من قبلكم بنصيبهم . فأنتم في هذا الاستمتاع مشابهون للذين من قبلكم . والمراد من هذا التمثيل : التنديد بهؤلاء المنافقين من أجل مشابهتهم الذين من قبلهم من الكفار في الاستمتاع بما رزقهم الله ؛ أي أن المنافقين سلكوا سبيل الكافرين من الأمم السابقة في الاستمتاع بلذائذ الحياة الدنيا والإدبار عن أوامر الله ونسيان الآخرة .
قوله : { وخضتم كالذي خاضوا } أي خضتم أيها المنافقون في الباطل والكذب على الله كخوض الكافرين من الذين سبقوكم . قال ابن عباس في هذه الآية : ما أشبه الليلة بالبارحة { كالذين من قبلكم } هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم . وعن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشير وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ أهل الكتاب ؟ قال ؟ ( فمن ؟ ) .
قوله : { أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون } هؤلاء المنافقون قد حبطت أعمالهم التي كانت على صورة الطاعة ؛ فقد ذهبت باطلا ، إذ لا جزاء لهم عليها إلا النار . أما بطلانها في الدنيا : فلأنها تفضي إلى النقيض مما كانوا يرجونه بعد أن أتت عليها أحوال شتى من الموت والفقر والتحول من القوة إلى الضعف ونحو ذلك . وأما بطلانها في الآخرة : فليصرورتها إلى الزوال والفناء ؛ فهي بذلك تمر بغير قيمة أو اعتبار . { وأولئك هم الخاسرون } السادرون في الهلاك والخسران{[1847]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.