الكاف محلها رفع على : أنتم مثل الذين من قبلكم . أو نصب على : فعلتم ما فعل الذين من قبلكم وهو أنكم استمتعتم وخضتم كما استمتعوا وخاضوا . ونحوه قول النمر :
كَالْيَوْمِ مَطْلُوباً وَلاَ طَلَبَا ***
بإضمار «لم أر » وقوله : { كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً } تفسير لتشبيههم بهم ، وتمثيل فعلهم بفعلهم . والخلاق : النصيب وهو ما خلق للإنسان ، أي قدّر من خير ، كما قيل له «قسم » لأنه قسم . ونصيب ، لأنه نصب ، أي أثبت . والخوض : الدخول في الباطل واللهو { كالذي خَاضُواْ } كالفوج الذي خاضوا ، وكالخوض الذي خاضوه .
فإن قلت : أي فائدة في قوله : { فاستمتعوا بخلاقهم } وقوله : { كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بخلاقهم } مغن عنه كما أغنى قوله : { كالذي خَاضُواْ } عن أن يقال : وخاضوا فخضتم كالذي خاضوا ؟ قلت : فائدته أن يذمّ الأوّلين بالاستمتاع بما أوتوا من حظوظ الدنيا ورضاهم بها ، والتهائم بشهواتهم الفانية عن النظر في العاقبة وطلب الفلاح في الآخرة ، وأن يخسس أمر الاستمتاع ويهجن أمر الرضى به ، ثم يشبه بعد ذلك حال المخاطبين بحالهم ، كما تريد أن تنبه بعض الظلمة على سماجة فعله فتقول : أنت مثل فرعون ، كان يقتل بغير جرم ويعذب ويعسف وأنت تفعل مثل فعله . وأما { وَخُضْتُمْ كالذي خَاضُواْ } فمعطوف على ما قبله مستند إلى مستغن باستناده إليه عن تلك التقدمة { حَبِطَتْ أعمالهم فِي الدنيا والآخرة } نقيض قوله : { وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين } [ العنكبوت : 27 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.