تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ كَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنكُمۡ قُوَّةٗ وَأَكۡثَرَ أَمۡوَٰلٗا وَأَوۡلَٰدٗا فَٱسۡتَمۡتَعُواْ بِخَلَٰقِهِمۡ فَٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِخَلَٰقِكُمۡ كَمَا ٱسۡتَمۡتَعَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُم بِخَلَٰقِهِمۡ وَخُضۡتُمۡ كَٱلَّذِي خَاضُوٓاْۚ أُوْلَـٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (69)

وقوله تعالى : ( كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً ) أي هؤلاء المنافقون[ في الأصل وم : المنافقين ] والكفرة ( كالذين من قبلكم ) ولم يبين كأولئك في ماذا ؟ ولكن يحتمل قوله ( كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً ) وبطشا ( وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً ) .

وفي[ الواو ساقطة من م ] الشاهد إنما يدفع العذاب والعقوبة بهذا . وبه يتناصر بعضهم من بعض ، ثم لم يقدروا على دفع ذلك .

هذا قد قيل . وقيل : ( كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) أي صرتم وما اخترتم من الأعمال كما صار أولئك في ما اختاروا من الأعمال وكل أنواع الخلاف لله وتكذيب الرسل وتعاطي ما لا يحل ، فصرتم أنتم كما صاروا هم .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ ) كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم . قيل انتفعوا بخلاقهم ؛ أي أكلتم أنتم الدنيا بدينكم كما أكل أولئك الدنيا بدينهم .

وقيل ( فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ ) أي بنصيبهم من الدنيا ، ولم يقدموا شيئا للآخرة ، والخلاق النصيب لقوله : ( أولئك لا خلاق لهم في الآخرة )[ آل عمران : 77 ] أي لا نصيب لهم . قال أبو هريرة : الخلاق الدين ؛ وكذلك قال الحسن في قوله : ( بخلاقهم ) أي بدينهم .

وقوله تعالى : ( وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ) أي خضتم أنتم في الباطل والتكذيب كالذي خاض أولئك من الأمم الخالية .

قال أبو عبيدة : قوله ( وخضتم ) أي لعبتم ( كالذي خاضوا ) أي لعبوا بالتكذيب .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) فلا ثواب لها في الدنيا والآخرة لأنها كانت في غير إيمان . فثواب الأعمال إنما يكون في الآخرة بالإيمان ( وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ ) خسران بينا . وبطلان أعمالهم في الدنيا لما لا يقبل واحد من الفريقين من المؤمنين والكفار صنيعه لأنهم يرون من أنفسهم الموافقة لكل واحد منهما وما كانوا مع واحد من الفريقين كقوله : ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء )[ النساء : 143 ] .