المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{ٱلۡخَبِيثَٰتُ لِلۡخَبِيثِينَ وَٱلۡخَبِيثُونَ لِلۡخَبِيثَٰتِۖ وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَۖ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (26)

اختلف المتأَولون في الموصوف في هذه الآية ب «الخبيث والطيب » ، فقال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة هي الأقوال والأفعال ثم اختلفت هذه الجماعة فقال بعضها المعنى الكلمات والفعلات «الخبيثات » لا يقول ويرضاها إلا { الخبيثات } من الناس فهي لهم وهم لها بهذا الوجه وكذلك { الطيبات للطيبين } وقال بعضها المعنى الكلمات والفعلات الخبيثات لا تليق وتلصق عند رمي الرامي وقذف القاذف إلا بالخبيثين من الناس فهي لهم وهم لها بهذا الوجه ، وقال ابن زيد الموصوف بالخبيث والطيب النساء والرجال ، وإنما الآية على نحو التي تقدمت وهي قوله تعالى : { الزاني لا ينكح إلا زانية } [ النور : 3 ] الآية فمعنى هذا ، التفريق بين حكم عبد الله بن أبي وأشباهه وبين حكم النبي عليه السلام وفضلاء صحابته وأمته ، أي النبي عليه السلام طيب فلم يجعل الله له إلا كل طيبة وأولئك خبيثون فهم أهل النساء الخبائث .

قال الفقيه الإمام القاضي : وبهذه الآية قيل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم { الطيبات } المبرءات ، وقوله { أولئك } إشارة إلى { الطيبين } المذكورين . في قوله : { والطيبون للطيبات } . وقال النقاش : الإشارة ب { أولئك مبرءون } إلى صفوان وعائشة رضي الله عنهما ، وجمعهما في الضمير على حد قوله تعالى : { فإن كان له إخوة }{[8657]} والمراد : أخوان .

قال القاضي أبو محمد رحمه الله :

وفي هذا التمثيل بآية الإخوة نظر ، وبحسب هذه المعاني يتقدر المراد بالضمير في [ يقولون ] ، تأمله . ثم وعد الله تعالى الطيبين من المؤمنين بالمغفرة عند الحساب ، وبالرزق الكريم في الجنة .


[8657]:من الآية (11) من سورة (النساء).