الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلۡخَبِيثَٰتُ لِلۡخَبِيثِينَ وَٱلۡخَبِيثُونَ لِلۡخَبِيثَٰتِۖ وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَۖ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (26)

ثم قال تعالى ذكره : { الخبيثات للخبيثين{[48129]} }[ 26 ] ، الآية .

قال{[48130]} ابن جبير ، وعطاء ، ومجاهد : معناها الكلمات الخبيثات للخبيثين من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من القول والطيبات من الكلام للطيبين من الناس ، والطيبون من الناس للطيبات من القول .

وتقديره{[48131]} : الكلمات الخبيثات لا يقولهن إلا الخبيث من الناس ، والكلمات الطيبات لا يقولهن إلى الطيب من الناس ، ودل على صحة هذا المعنى قوله :

{ أولئك مبرؤون مما يقولون } أي{[48132]} عائشة{[48133]} وصفوان{[48134]} بن المعطل{[48135]} مبرءون مما يقول{[48136]} الخبيثون والخبيثات ، وجمع{[48137]} وهما اثنان كما قال تعالى : { فإن كان له إخوة } يريد أخوين فأكثر وقيل{[48138]} : معناه الخبيثات من الكلام إنما يلصق بالخبيثين والخبيثات من الناس ، لا بالطيبين والطيبات .

وقيل{[48139]} : المعنى الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، قاله ابن زيد ، قال : كان عبد الله بن أبيّ خبيثا فكان هو أولى بأن تكون له الخبيثة ويكون لها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبا وكان{[48140]} أولى أن تكون{[48141]} له الطيبة ، وكانت{[48142]} عائشة طيبة ، فكانت أولى بأن يكون لها الطيب ، ولذلك سميت عائشة{[48143]} بالطيبة{[48144]} .

وقيل : سميت{[48145]} بالطيبة لأن الله طيبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

روي{[48146]} أن جبريل عليه السلام أتاه بها{[48147]} في سرقة{[48148]} من{[48149]} حرير قبل أن تصور في رحم أمها فقال له ، هذه{[48150]} عائشة : ابنة{[48151]} أبي بكر زوجتكها في الدنيا ، وزوجتكها{[48152]} في الجنة{[48153]} وقيل : إن هذه الآية مبنية على صدر السورة في قوله : { الزاني لا ينكح{[48154]} إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زاني أو مشرك }[ 3 ] ، فبين في هذا أن الخبيثات وهن{[48155]} الزواني{[48156]} للخبيثين من الرجال ، وهم الزناة{[48157]} ، والخبيثون من الرجال وهم{[48158]} الزناة للخبيثات من النساء وهن الزواني{[48159]} وكذلك الطيبات المؤمنات العفائف للطيبين المؤمنين الأعفاء ، فهذا{[48160]} مثل ما في أول السورة ، ثم نسخ به ما في أول السورة ، وقد مضى ذكره على الاختلاف المتقدم الذكر ، وهذا كله هو يرجع إلى قول{[48161]} ابن زيد المذكور ، فالمعنى على هذا نكاح الزواني للزناة{[48162]} ، ونكاح الزناة للزواني ، ونكاح العفائف للأعفاء ، ونكاح الأعفاء للعفائف ، ثم نسخ ذلك بقوله جل ذكره : { وأنكحوا الأيامى منكم } [ 32 ] فهم{[48163]} جميع الأيامى .

ثم قال : { لهم مغفرة ورزق كريم }[ 26 ] ، أي لعائشة ، وصفوان ستر من الله على ذنوبهما{[48164]} ولهم{[48165]} الجنة كذلك{[48166]} .


[48129]:بعده في ز: "والخبيثون للخبيثات".
[48130]:انظر: تفسير ابن جرير 18/108، وأحكام القرآن للجصاص 3/309، والقرطبي 12/211، والدر المنثور 18/167.
[48131]:ز: وتقدير.
[48132]:بعدها في ز: "على".
[48133]:بعدها في ز: رضي الله عنها.
[48134]:انظر: ترجمته: في أسد الغابة 2/412.
[48135]:انظر: تفسير ابن جرير 18/109، وابن جرير 6/27، والقرطبي 12/221، ومجمع البيان 18/31.
[48136]:ع: يقولون، والمثبت من ز.
[48137]:انظر: معاني الزجاج 4/38، وإعراب القرآن للدرويش 6/587.
[48138]:انظر: زاد المسير 6/26.
[48139]:انظر: زاد المسير 6/27، والقرطبي 12/211، وابن كثير 5/79.
[48140]:بعده في ز: هو.
[48141]:ز: من.
[48142]:من "وكانت...الطيب" ساقط من ز.
[48143]:بعده في ز: رضي الله عنها.
[48144]:انظر: ابن جرير 18/108، والدر المنثور 18/168.
[48145]:"سميت بالطيبة" ساقطة من ز.
[48146]:ز: وروي.
[48147]:"بها" ساقطة من ز.
[48148]:أي قطعة من جيد الحرير، سرق: انظر: اللسان مادة سرق.
[48149]:زيادة من ز: مثبتة في الحديث.
[48150]:"هذه" ساقطة من ز.
[48151]:ز: ابنت.
[48152]:"وزوجتكها" ساقط من ز.
[48153]:انظر: الدر المنثور18/156.
[48154]:بعده في ز: إلى قوله "أو مشركة".
[48155]:ز: وهذا.
[48156]:ز: الزانيات.
[48157]:ز: الزنات.
[48158]:"وهم" ساقط من ز.
[48159]:ع: الزناة: وهو تحريف، وصحح بناء على السياق.
[48160]:ز: هذا.
[48161]:ز: القول.
[48162]:ز: الزنات.
[48163]:ز: فهم.
[48164]:ز: ذنوبهم.
[48165]:ز: أوله.
[48166]:انظر: ابن جرير 18/109.