ثم ختم الآيات الواردة في أهل الإفك بكلمة جامعة وهي قوله { الخبيثات } يعني الكلمات التي تخبث مواردها ويستقذرها من يخاطب بها ويمجها سمعه ككلمات أهل الإفك ، ويجوز أن يراد بالخبيثات مضمون الآيات الواردة في وعيد القذفة لأن مضمونها ذم ولعن وهو يستكره طبعاً وإن كان نفس الكلمة التي هي من قبل الله سبحانه طيباً . وعلى الوجهين يراد بالخبيثين الرجال والنساء جميعاً إلا أنه غلب الرجال . والحاصل أن الخبيثات من القول تقال أو تعد للخبيثين من الرجال والنساء ، والخبيثون من الصنفين للخبيثات من القول وكذلك الطيبات والطيبون { أولئك } الطيبون { مبرؤن مما } يقول الخبيثون من خبيثات الكلم . قال جار الله : هو كلام جارٍ مجرى المثل لعائشة وما رميت به من قول لا يطابق حالها في النزاهة والطيب ، وجوز بقرينة الحال أن يكون { أولئك } إشارة إلى أهل البيت عليهم السلام وأنهم مبرؤون مما يقول أهل الإفك . وفي الآية قول آخر وهو أن يراد بالخبيثات النساء الخبائث ، وبالخبيثين الرجال الذين هم أشكال لهن فيكون أول الآية نظير قوله { الزاني لا ينكح إلا زانية } وكذلك الكلام في أهل الطيب ولا أطيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون أزواجه مثله فلذلك أخبر عن حالهن بقوله { لهم مغفرة ورزق كريم } وقد مر تفسير الرزق الكريم في " الحج " نظيره قوله في الأحزاب { واعتدنا لها رزقاً كريماً } [ الآية : 31 ] وفي الآية دلالة على أن عائشة من أهله الجنة . وقال بعض الشيعة : هذا الوعد مشروط باجتناب الكبائر وقد فعلت عائشة من البغي يوم الجمل ما فعلت ، والصحيح عند العلماء إنها رجعت عن ذلك الاجتهاد وتابت . عن عائشة : لقد أعطيت تسعاً من أعطيتهن امرأة : لقد نزل جبريل عليه السلام بصورتي في راحته حين أمر النبي أن يتزوجني ، ولقد تزوجني بكراً وما تزوج بكراً غيري ، ولقد توفي وإن رأسه لفي حجري ، ولقد قبر في بيتي ، ولقد حفته الملائكة في بيتي ، وإن الوحي لينزل عليه في أهله فيتفرقون عنه وإن كان لينزل عليه وأنا معه في لحافه ، وإني لابنة خليفته وصدّيقه ، ولقد نزل عذري من السماء ، ولقد خلقت طيبة عند طيب ، ولقد وعدت مغفرة ورزقاً كريماً . وعن بعضهم : برأ الله أربعة بأربعة : برأ يوسف بلسان الشاهد { وشهد شاهد من أهلها } [ يوسف : 26 ] وبرأ موسى من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه ، وبرأ مريم بإنطاق ولدها حين نادى من حجرها إلى عبد الله ، وبرأ عائشة بهذه الآيات العظام في كتابه المتلو على وجه الدهر مثل هذه التبرئة بهذه المبالغات ، فانظر كم بينها وبين تبرئة أولئك وما ذاك إلا لإظهار علو منزلة سيد الأولين والآخرين وحجة الله على العالمين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.