فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلۡخَبِيثَٰتُ لِلۡخَبِيثِينَ وَٱلۡخَبِيثُونَ لِلۡخَبِيثَٰتِۖ وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَۖ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (26)

ثم ختم سبحانه الآيات الواردة في أهل الإفك بكلمة جامعة فقال { الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ } أي : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال أي : مختصة بهم لا تتجاوزهم ، وكذا الخبيثون مختصون بالخبيثات لا يتجاوزونهن ، وهكذا قوله : { والطيبات لِلطَّيّبِينَ والطيبون لِلْطَّيِّبَاتِ } قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وأكثر المفسرين : المعنى الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلمات ، والكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس ، والطيبون من الناس للطيبات من الكلمات . قال النحاس : وهذا أحسن ما قيل . قال الزجاج : ومعناه لا يتكلم بالخبيثات إلاّ الخبيث من الرجال والنساء ، ولا يتكلم بالطيبات إلاّ الطيب من الرجال والنساء ، وهذا ذمّ للذين قذفوا عائشة بالخبث ، ومدح للذين برّءُوها . وقيل : إن هذه الآية مبنية على قوله : { الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً } [ النور : 3 ] فالخبيثات الزواني ، والطيبات العفائف ، وكذا الخبيثون ، والطيبون ، والإشارة بقوله : { أولئك مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ } إلى الطيبين والطيبات أي : هم مبرّءون مما يقوله الخبيثون ، والخبيثات ، وقيل : الإشارة إلى أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وقيل : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعائشة ، وصفوان بن المعطل ، وقيل : عائشة ، وصفوان فقط . قال الفراء : وجمع كما قال : { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ } [ النساء : 11 ] ، والمراد أخوان { لَهُم مَّغْفِرَةٌ } أي : هؤلاء المبرّءون لهم مغفرة عظيمة لما لا يخلوا عنه البشر من الذنوب { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ، وهو رزق الجنة .

/خ26