اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلۡخَبِيثَٰتُ لِلۡخَبِيثِينَ وَٱلۡخَبِيثُونَ لِلۡخَبِيثَٰتِۖ وَٱلطَّيِّبَٰتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَٰتِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَۖ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (26)

قوله تعالى : «الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ » الآية .

قال أكثر المفسرين : «الخَبِيثَاتُ » من القول والكلام «لِلْخَبِيثِينَ » من الناس ، «والخَبِيثُونَ » من الناس «لِلْخَبِيثَات » من القول ، «والطيبات » من القول «للطَّيِّبِينَ » من الناس ، «والطَّيِّبُونَ » من الناس «لِلطَّيِّبَاتِ » من القول .

والمعنى : أنَّ الخبيث من القول لا يليق إلا بالخبيث من الناس ، والطيِّب لا يليق إلا بالطيِّب فعائشة - رضي الله عنها - لا يليق بها الخبيثات من القول ، لأنها طيبة ، فيضاف إليها طيبات الكلام من الثناء الحسن وما يليق بها{[34355]} .

وقال الزجاج : معناه{[34356]} : لا يتكلم بالخبيثات إلا الخبيث من الرجال والنساء ، ولا يتكلم بالطيبات إلا الطيب من الرجال والنساء{[34357]} وهذا ذم للذين قذفوا عائشة ، ومدح للذين برّأوها بالطهار .

قال ابن زيد : معناه : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، أمثال عبد الله بن أبيّ والشاكين في الدين ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء{[34358]} ، يريد : عائشة طيبها الله لرسوله الطيب - صلى الله عليه وسلم - «مُبَرءُونَ »{[34359]} يعني : عائشة وصفوان ، ذكرهما بلفظ الجمع كقوله : { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ }{[34360]} [ النساء : 11 ] أي : أخوان{[34361]} .

وقيل : «أولئك مُبَرَّؤُونَ » يعني : الطيبين والطيبات منزهون مما يقولون{[34362]} .

وقيل : الرَّمْيُ تعلق بالنبي - عليه الصلاة والسلام - وبعائشة وصفوان ، فبرأ{[34363]} الله كل واحد منهم {[34364]} .

وقيل : المراد كل أزواج الرسول برأهن{[34365]} الله تعالى من هذا الإفك{[34366]} ، ثم قال : «لَهُمْ مَغْفِرَةٌ » يعني : براءة من الله . وقيل : العفو عن الذنوب . والرزق الكريم : الجنة .

قوله : «لَهُمْ مَغْفِرَةٌ » يجوز أن تكون جملة مستأنفة ، وأن تكون في محل رفع خبراً ثانياً{[34367]} .

ويجوز أن يكون «لَهُمْ » خبر «أولئك » ( و ) {[34368]} «مَغْفِرَةٌ » فاعله .


[34355]:انظر البغوي 6/87 – 88.
[34356]:في ب: ومعناه.
[34357]:معاني القرآن وإعرابه 4/37.
[34358]:انظر القرطبي 12/211.
[34359]:في ب: "أولئك مبرءون".
[34360]:[النساء: 11].
[34361]:قاله الفراء. معاني القرآن 2/249.
[34362]:انظر البحر المحيط 6/441.
[34363]:في ب: مبرأ.
[34364]:انظر الفخر الرازي 23/196.
[34365]:في ب: براء من.
[34366]:انظر الفخر الرازي 23/196.
[34367]:انظر التبيان 2/968.
[34368]:في ب: لهم