المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِنۡ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمۡعَكُمۡ وَأَبۡصَٰرَكُمۡ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِهِۗ ٱنظُرۡ كَيۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡأٓيَٰتِ ثُمَّ هُمۡ يَصۡدِفُونَ} (46)

هذا ابتداء احتجاج على الكفار ، و { أخذ الله } معناه أذهبه وانتزعه بقدرته ، ووحد السمع لأنه مصدر مفرد يدل على جمع ، والضمير في { به } عائد على المأخوذ ، وقيل على السمع ، وقيل على الهدى الذي تضمنه المعنى ، وقرأ الأعرج وغيره «بهُ انظر » بضم الهاء ، ورواها المسيبي وأبو وقرة عن نافع ، و { يصدقون } معناه يعرضون وينفرون ، ومنه قول الشاعر : [ البسيط ]

إذا ذَكَرْنَ حديثاً قُلْنَ أحْسَنَهُ . . . وهنَّ عَنْ كُلِّ سُوءٍ يُتَّقَى صُدُقَا{[4922]}

قال النقاش : في الآية دليل على تفضيل السمع على البصر لتقدمه هنا ، ثم احتج لذلك بقوله : { إنما يستجيب الذين يسمعون } [ الأنعام : 36 ] وبغير ذلك ، والاستفهام في قوله : { من إله } معناه التوقيف ، أي ليس ثمة إله سواه ، فما بال تعلقكم بالأصنام وتمسككم بها وهي لا تدفع ضرراً ولا تأتي بخير ، وتصريف الآيات هو نصب العبر ومجيء آيات القرآن بالإنذار والاعذار والبشارة ونحوه .