معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشورى

مكية وآياتها ثلاث وخمسون

قوله تعالى :{ حم عسق } سئل الحسين بن الفضل : لم يقطع حم عسق ولم يقطع كهيعص ؟ فقال : لأنها سورة أوائلها حم ، فجرت مجرى نظائرها ، فكان حم مبتدأ و عسق خبره ، ولأنهما عدا آيتين ، وأخواتها مثل : كهيعص ، والمص ، و المر عدت آية واحدة . وقيل : لأن أهل التأويل لم يختلفوا في كهيعص وأخواتها أنها حروف التهجي لا غير ، واختلفوا في حم فأخرجها بعضهم من حيز الحروف ، وجعلها فعلاً ، وقال : معناها حم أي : قضى ما هو كائن . وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ح حلمه ، م مجده ، ع علمه ، س سناؤه ، ق قدرته ، أقسم الله بها . وقال شهر بن حوشب و عطاء بن أبي رباح : ح حرب يعز فيها الذليل ، ويذل فيها العزيز من قريش ، م ملك ، ع عدو لقريش يقصدهم ، س سيء ، يكون فيهم ، ق قدرة الله النافذة في خلقه . وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : ليس من نبي صاحب كتاب إلا وقد أوحيت إليه { حم عسق } فلذلك قال : { كذلك يوحي إليك }

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{حمٓ} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية باستثناء أربع آيات . وهي تتضمن فيضا من عظيم الحقائق والأوامر والعبر والأخبار ، كالتذكير بجلال الله وعظيم شأنه وسلطانه ، والتنبيه إلى جلال القرآن الذي أوحى الله به إلى رسوله صلى الله عليه وسلم لينذر به يوم الجمع لا ريب فيه . وفي السورة بيان باتفاق النبيين وأديانهم على عقيدة التوحيد الخالص لله وحده ، وإنْ اختلفت شرائعهم ومناهجهم تبعا لاختلاف الأعراف والملابسات والأزمان .

وفي السورة تنديد بالذين يستعجلون بقيام الساعة ، على سبيل الإنكار والاستسخار . مع أن الساعة حقيقة كونية راسخة لا ريب فيها .

وتتضمن السورة بيانا بأن الناس من حيث الاهتمامات والأهواء قسمان :

أولهما : الذين يبتغون حرث الآخرة : فأولئك يضاعف الله لهم حرثهم ويزيدهم من فضله .

وثانيهما : الذين يبتغون حرث الدنيا ، أي زينتها ومتاعها ، فأولئك يعطيهم الله منها ما شاء ، وهم من نعيم الآخرة محرومون . وتتضمن السورة قاعدة الشورى بين المسلمين لترسّخ فيهم مبدأ التشاور وعدم الاستئثار بالرأي .

وفي السورة تقرير راسخ لحقيقة العدل وما يتلوه من جمال الفضل ، في العقوبات ؛ فقد شرع الله عقوبة القصاص حقًّا للمعتدى عليه إلا أن يعفو عن المعتدي الجاني . ومجرد الاقتصاص من الجاني عدل ، لكن العفو عنه سخاء وصبر وترفع واستعلاء على الهوى وحفظ النفس وذلك فضل . وهو قوله عزّ من قائل : { وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ } إلى غير ذلك من عظيم المعاني والأخبار والحكم كالتنبيه إلى يوم القيامة وما يتخللها من البلايا والأحزان والأفزاع .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى : { حم ( 1 ) عسق ( 2 ) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 3 ) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ( 4 ) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلاَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( 5 ) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ } .

تقدم الكلام عما قيل في معاني حروف الهجاء من فواتح بعض السور . وجملة القول في ذلك أن الله أعلم بما يراد في هذه الحروف .