معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

قوله تعالى : { ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليماً حكيماً ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزاً عظيماً } وقد ذكرنا عن أنس أن الصحابة قالوا لما نزل ليغفر لك الله : هنيئاً مريئاً فما يفعل بنا فنزل : { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات } الآية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لِّيُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِيمٗا} (5)

قوله تعالى : { ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم } [ الفتح : 4 ] معناه : فازدادوا وتلقوا ذلك . فتمكن بعد ذلك قوله : { ليدخل المؤمنين } أي بتكسبهم القبول لما أنزل الله عليهم . ويروى في معنى هذه الآية أنه لما نزلت : { وما أدري ما يفعل بي ولا بكم }{[10401]} [ الأحقاف : 9 ] تكلم فيها أهل الكتاب وقالوا : كيف نتبع من لا يدري ما يفعل به وبالناس معه ؟ فبين الله في هذه السورة ما يفعل به بقوله : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } [ الفتح : 2 ] فلما سمعها المؤمنون ، قالوا : هنيئاً مريئاً ، هذا لك يا رسول الله ، فما لنا ؟ فنزلت هذه الآية : { ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار } إلى قوله : { وساءت مصيراً }{[10402]} فعرفه الله تعالى ما يفعل به وبالمؤمنين والكافرين . وذكر النقاش أن رجلاً من عك{[10403]} قال : هذه لك يا رسول الله ، فما لنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «هي لي ولأمتي كهاتين » وجمع بين أصبعيه .

وقوله : { ويكفر عنهم سيئاتهم } فيه ترتيب الجمل في السرد لا ترتيب وقوع معانيها ، لأن تكفير السيئات قبل إدخالهم الجنة .


[10401]:من الآية (9) من سورة (الأحقاف).
[10402]:أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما{قل ما كنت بدعا من الرسل}، يقول: لست بأول الرسل، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم، فأنزل الله بعد هذا{ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}، وقوله:{ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات} الآية، فأعلم الله سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميعا. وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن جرير، وابن مردويه، وأبو نعيم في المعرفة، عن أنس رضي الله عنه، قال: أُنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم:{ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} مرجعه من الحديبية، فقال: لقد أُنزلت عليّ آية هي أحب إلي مما على الأرض، ثم قرأها عليهم، فقالوا: هنيئا مريئا لك يا رسول الله، قد بيّن الله لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه{ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار} حتى بلغ{ فوزا عظيما}.
[10403]:اسم قبيلة.