معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

قوله عز وجل : { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } دوام البقاء في الدنيا { أفإن مت فهم الخالدون } أي أفهم الخالدون إن مت ؟قيل : نزلت هذه الآية حين قالوا نتربص بمحمد ريب المنون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

{ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون } نزلت حين قالوا نتربص به ريب المنون وفي معناه قوله :

فقل للشامتين بنا أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا

والفاء لتعلق الشرط بما قبله والهمزة لإنكاره بعد ما تقرر ذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

عُنيت الآيات من أول السورة باستقصاء مطاعن المشركين في القرآن ومن جاء به بقولهم { أفتأتون السحر وأنتم تُبصرون } [ الأنبياء : 3 ] ، وقولهم : { أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر } [ الأنبياء : 5 ] وكان من جملة أمانيهم لما أعياهم اختلاق المطاعن أن كانوا يتمنون موت محمد صلى الله عليه وسلم أو يرجونه أو يُدبرونه قال تعالى : { أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون } في سورة الطور ( 30 ) ، وقال تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك في } [ الأنفال : 30 ] .

وقد دلّ على أن هؤلاء هم المقصود من الآية قوله تعالى : { أفإن مت فهم الخالدون } فلما كان تمنيهم موته وتربصهم به ريبَ المنون يقتضي أن الذين تمنوا ذلك وتربصوا به كأنهم واثقون بأنهم يموتون بعده فتتمّ شماتتهم ، أو كأنهم لا يموتون أبداً فلا يشمت بهم أحد ، وجه إليهم استفهام الإنكار على طريقة التعريض بتنزيلهم منزلة من يزعم أنهم خالدون .

وفي الآية إيماء إلى أن الذين لم يقدر الله لهم الإسلام ممن قالوا ذلك القول سيموتون قبل موت النبي عليه الصلاة والسلام فلا يشمتون به فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أهلك الله رؤوس الذين عاندوه وهدى بقيتهم إلى الإسلام .

ففي قوله تعالى : { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } طريقةُ القول بالموجَب ، أي أنك تموت كما قالوا ولكنهم لا يرون ذلك وهم بحال من يزعمون أنهم مخلدون فأيقنوا بأنهم يتربصون بك ريب المنون من فرط غرورهم ، فالتفريع كان على ما في الجملة الأولى من القول بالموجَب ، أي ما هم بخالدين حتى يُوقنوا أنهم يرون موتك . وفي الإنكار الذي هو في معنى النفي إنذارٌ لهم بأنهم لا يرى موتَه منهم أحد .