الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

أخرج ابن المنذر عن جريج قال : لما نعى جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه قال : يا رب ، فمن لأمتي فنزلت { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد . . . } الآية .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبو بكر رضي الله عنه في ناحية المدينة ، فجاء فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يقبله ويبكي ويقول : بأبي وأمي طبت حياً وطبت ميتاً ، فلما خرج مرّ بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقول : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين وحتى يخزي الله المنافقين . قال : وكانوا قد استبشروا بموت النبي صلى الله عليه وسلم فرفعوا رؤوسهم فقال : أيها الرجل ، أربع على نفسك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات . . . ألم تسمع الله يقول : { إنك ميت وإنهم ميتون } [ الزمر : 30 ] وقال : { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون } قال : ثم أتى المنبر فصعده فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ، إن كان محمد صلى الله عليه وسلم إلهكم الذي تعبدون ، فإن محمداً قد مات ؛ وإن كان إلهكم الذي في السماء ، فإن إلهكم لم يمت ثم تلا { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } [ آل عمران : 144 ] حتى ختم الآية . ثم نزل وقد استبشر المسلمون بذلك واشتد فرحهم وأخذت المنافقين الكآبة .

قال عبد الله بن عمر : فوالذي نفسي بيده ، لكأنما كانت على وجوهنا أغطية فكشفت .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن عائشة قالت : دخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وقد مات ، فقبله وقال : وانبياه ! . . . واخليلاه ! . . . واصفياه ! . . . ثم تلا { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } الآية . وقوله : { إنك ميت وإنهم ميتون } .