غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

21

وحين فرغ من بيان طرف من هيئة الأجرام السماوية ومنافعها الدنيوية نبه بقوله { وما جعلنا البشر من قبل الخلد } على أن هذه الآثار لا تدوم ولا تخلق للبقاء وإنما خلقت للابتداء والامتحان ولكي يتوصل بها المكلفون إلى السعادات المدخرة لهم في الآخرة وهي دار الخلود . وبوجه آخر لما فرغ من دلائل الآفاق شرع في دلائل الأنفس فقال : { وما جعلنا } الآية ، عن مقاتل أن ناساً كانوا يقولون إن محمداً لا يموت فنزلت وقيل : لعلهم ظنوا أنه لو مات لتغير الشرع وهذا ينافي كونه خاتم الأنبياء ، فبين الله سبحانه أن حاله كحال من تقدمه من الأنبياء في المفارقة من دار الدنيا . والأكثرون على أن سبب النزول هو أنهم كانوا يقدرون أنه سيموت فيشمتون بموته فنفى الله عنه الشماتة لهذه وفي معناه قول القائل :

فقل للشامتين بنا أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا .

/خ50