قوله تعالى : { والله خلقكم ثم يتوفاكم } ، صبياناً أو شباناً أو كهولاً ، { ومنكم من يرد إلى أرذل العمر } ، أردئه قال مقاتل : يعني الهرم . قال قتادة : أرذل العمر : تسعون سنة . روي عن علي قال : أرذل العمر : خمس وسبعون سنة . وقيل : ثمانون سنة . { لكي لا يعلم بعد علم شيئا } ، لكيلا يعقل بعد عقله الأول شيئا ، { إن الله عليم قدير } .
أنبأنا عبد الواحد المليحي ، حدثنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد ابن يوسف ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا هارون بن موسى ، حدثنا عبد الله الأعور ، عن شعيب ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو : " أعوذ بك من البخل والكسل ، وأرذل العمر ، وعذاب القبر ، وفتنة الدجال ، وفتنة المحيا والممات " .
{ والله خلقكم ثم يتوفّاكم } ، بآجال مختلفة . { ومنكم من يُردّ } ، يعاد . { إلى أرذل العمر } ، أخسه ، يعني : الهرم الذي يشابه الطفولية في نقصان القوة والعقل . وقيل هو : خمس وتسعون سنة ، وقيل : خمس وسبعون . { لكيلا يعلم بعد علم شيئا } ، ليصير إلى حالة شبيهة بحالة الطفولية في النسيان وسوء الفهم . { إن الله عليم } بمقادير أعماركم . { قدير } ، يميت الشاب النشيط ويبقي الهرم الفاني ، وفيه تنبيه على أن تفاوت آجال الناس ليس إلا بتقدير قادر حكيم ، ركب أبنيتهم وعدّل أمزجتهم على قدر معلوم ، ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لم يبلغ التفاوت هذا المبلغ .
هذا تنبيه على الاعتبار في إيجادنا بعد العدم وإماتتنا بعد ذلك ، ثم اعترض بمن ينكث من الناس ؛ لأنهم موضع عبرة{[7365]} ، و { أرذل العمر } ، آخرُه الذي تفسد فيه الحواس ويخْتل النطق ، وخص ذلك بالرذيلة ، وإن كانت حال الطفولية كذلك ، من حيث كانت هذه لأرجاء معها ، والطفولية إنما هي بدأة ، والرجاء معها متمكن ، وقال بعض الناس : أول أرذل العمر خمسة وسبعون سنة ، روي ذلك عن علي رضي الله عنه .
قال القاضي أبو محمد : وهذا في الأغلب ، وهذا لا ينحصر إلى مدة معينة وإنما هو بحسب إنسان إنسان ، والمعْنى : منكم من يرد إلى أرذل عمره ، ورب من يكون ابن خمسين سنة وهو في أرذل عمره ، ورب ابن مائة وتسعين ليس في أرذل عمره ، واللام في { لكي } يشبه أن يكون لام صيرورة ، وليس ببين ، والمعنى : ليصير أمره بعد العلم بالأشياء إلى أن لا يعلم شيئاً ، وهذه عبارة عن قلة علمه ، لا أنه لا يعلم شيئاً البتة ، ولم تحل { لا } بين «كي » ومعمولها لتصرفها ، وأنها قد تكون زائدة ، ثم قرر تعالى علمه وقدرته التي لا تتبدل ولا تحملها الحوادث ولا تتغير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.