لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ ثُمَّ يَتَوَفَّىٰكُمۡۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ لِكَيۡ لَا يَعۡلَمَ بَعۡدَ عِلۡمٖ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٞ قَدِيرٞ} (70)

خَلَق الإنسانَ في أحسن تركيب ، وأملح ترتيب ، في الأعضاء الظاهرة والأجزاء الباطنة ، والنور والضياء ، والفهم والذكاء ، ورَزَقَه من العقل والتفكر ، والعلم والتبصر ، وفنون المناقب التي خُصَّ بها من الرأي والتدبير ، ثم في آخر عمره يجعله إلى أرذل العمر مردوداً ، ويرى في كل يوم أَلَماً جديداً .

ويقال : { وَمِنكُم من يُردُّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ } ، وهو : أن يرد إلى الخذلان بعد االتوفيق ؛ فهو يكون في أول أحوال عمره مطيعاً ، ثم يصير في آخر عمره عاصياً .

ويقال : أرذل العمر أن يرغب في عنفوان شبابه في الإرادة ، ويسلك طريق الله مدةً ، ثم تقع له فترةٌ فيفسخ عقد إرادته ، ويرجع إلى طلب الدنيا . وعند القوم هذه رِدَّةٌ في هذا الطريق .

ويقال : أرذلُ العمر ، رغبةُ الشيخ في طلبٍ .

ويقال : أرذلُ العمر ، حُبُّ المرءِ للرياسة .

ويقال : أرذلُ العمر ، اجتماع المظالم على الرجل ، وألا يُرْضِيَ خصومَه .