الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ ثُمَّ يَتَوَفَّىٰكُمۡۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرۡذَلِ ٱلۡعُمُرِ لِكَيۡ لَا يَعۡلَمَ بَعۡدَ عِلۡمٖ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٞ قَدِيرٞ} (70)

وقوله سبحانه : { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر } [ النحل : 70 ] . وأرذلُ العَمَر الذي تَفْسُدُ فيه الحواسُّ ، ويختلُّ العَقْل ، وخص ذلك بالرذيَلةِ ، وإن كانَتْ حالة الطُّفُولة كذَلِكَ مِنْ حيثُ كانَتْ هذه لا رَجَاءَ معها ، وقال بعضُ الناس : أول أرذَلِ العُمُرِ خَمْسٌ وسَبْعُونَ سنةً ، روي ذلك عن علي رضي الله عنه .

قال ( ع ) : وهذا في الأغْلَبِ ، وهذا لا ينحصرُ إِلى مدَّة معيَّنة ، وإِنما هو بحَسَبِ إِنسانٍ إِنسانٍ ، ورُبَّ مَنْ يكون ابْنَ خمسينَ سنَةً ، وهو في أرذلِ عمره ، وربَّ ابن تسعينَ ليس في أرذَلِ عمره ، واللامُ في : { لِكَيْ } يشبه أنْ تكون لامَ الصيرورةِ ، والمعنى : ليصير أمره بعْدَ العِلْم بالأشياء إلى ألاَّ يعلم شيئاً ، وهذه عبارة عن قلَّة علمه ، لا أنه لا يعلم شيئاً البتَّة .