قوله تعالى : { قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين * ثم ننجي رسلنا } ، قرأ يعقوب ننجي خفيف مختلف عنه ، { والذين آمنوا } ، معهم عند نزول العذاب معناه : نجينا ، مستقبل بمعنى الماضي ، { كذلك } ، كما نجيناهم ، { حقاً } ، واجبا ، { علينا ننج المؤمنين } ، قرأ الكسائي وحفص ويعقوب ننجي بالتخفيف والآخرون بالتشديد ، ونجا وأنجى بمعنى واحد .
وقوله : { فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ } أي : فهل ينتظر هؤلاء المكذبون لك يا محمد من النقمة والعذاب إلا مثل أيام الله في الذين خلوا من قبلهم من الأمم المكذبة لرسلهم ، { قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا }{[14442]} أي : ونهلك المكذبين بالرسل ، { كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ } [ أي ]{[14443]} حقا : أوجبه تعالى على نفسه الكريمة : كقوله { كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } [ الأنعام : 12 ] كما جاء في الصحيحين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله كتب كتابا فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت{[14444]} غضبي " {[14445]}
وقوله { ننجي رسلنا } الآية ، لما كان العذاب لم تحصر مدته وكان النبي والمؤمنون بين أظهر الكفرة وقع التصريح بأن عادة الله سلفت بإنجاء رسله ومتبعيهم ، فالتخويف على هذا أشد ، وكلهم قرأ «ننجّي » مشددة الجيم إلا الكسائي ، وحفصاً عن عاصم فإنهما قرأ «ننْجِي » بسكون النون وتخفيف الجيم ، وقرأ عاصم في سورة الأنبياء في بعض ما روي عنه «نُجي » بضم النون وحذف الثانية وشد الجيم ، كأن النون أدغمت فيها ، وهي قراءة لا وجه لها ، ذكر ذلك الزجاج{[6236]} . وحكى أبو حاتم نحوها عن الأعمش ، وخط المصحف في هذه اللفظة «ننج » بجيم مطلقة دون ياء وكذلك قرأ الكسائي في سورة مريم { ثم ننْجِي الذين اتقوا }{[6237]} بسكون النون وتخفيف الجيم ، والباقون بفتح النون وشد الجيم ، والكاف في قوله { كذلك } يصح أن تكون في موضع رفع ، ويصح أن تكون في موضع نصب نعتاً لمصدر محذوف .
{ ثم ننجّي رسلنا } عطف على جملة : { فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا } لأن مثل تلك الأيام يومُ عذاب . ولما كانوا مهددين بعذاب يحل بموضع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون عجل الله البشارة للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بأنه ينجيهم من ذلك العذاب بقدرته كما أنجى الرسل من قبله .
وجملة : { كذلك حقاً علينا ننجِّي المؤمنين } تذييل . والإشارة ب { كذلك } إلى الإنجاء المستفاد من { ثم ننجِّي } .
و { حقّاً علينا } جملة معترضة لأن المصدر بدل من الفعل ، أي حق ذلك علينا حقاً .
وجعله اللّهُ حقاً عليه تحقيقاً للتفضل به والكرامة حتى صار كالحق عليه .
وقرأ الجمهور { نُنَجّي المؤمنين } بفتح النون الثانية وتشديد الجيم على وزان { ننجي رسلنا } . وقرأ الكسائي ، وحفص عن عاصم { نُنْجي المؤمنين } بسكون النون الثانية وتخفيف الجيم من الإنجاء . فالمخالفة بينه وبين نظيره الذي قبله تفنن ، والمعنى واحد .
وكتب في المصحف { ننج المؤمنين } بدون ياء بعد الجيم على صورة النطق بها للاتقاء الساكنيْن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.