الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (103)

قوله تعالى : { ثُمَّ نُنَجِّي } : قال الزمخشري : " هو معطوفٌ على كلامٍ محذوف يدلُّ عليه " إلا مثلَ أيامِ الذين خَلَوا من قبلهم " كأنه قيل : نُهْلك الأمم ثم ننجِّي رسلَنا ، معطوفٌ على حكايةِ الأحوال الماضية .

قوله : { كَذَلِكَ } في هذه الكاف وجهان ، أظهرهُما : أنه في محلِّ نصب تقديرُه : مثلَ ذلك الإِنجاء الذي نَجَّينا الرسلَ ومؤمنيهم ننجي مَنْ آمن بك يا محمد . والثاني : أنها فيحل رفع على خبر ابتداء مضمر ، وقدَّره ابن عطية وأبو البقاء بقولك : الأمر كذلك .

قوله : { حَقّاً } فيه أوجه ، أحدها : أن يكون منصوباً بفعل مقدر أي : حَقَّ ذلك حقاً . والثاني : أن يكون بدلاً من المحذوف النائب عنه الكافُ تقديره : إنجاءً مثل ذلك حقاً والثالث : أن يكونَ " كذلك " و " حقاً " منصوبين ب " نُنْجِ " الذي بعدهما . والرابع : أن يكونَ " كذلك " منصوباً ب " نُنَجِّي " الأولى ، و " حقاً " ب " نُنْج " الثانية . وقال الزمخشري : " مثلَ ذلك الإِنجاء ننجي المؤمنين منكم ونهلك المشركين ، و " حَقّاً علينا " اعتراض ، يعني حَقَّ ذلك علينا حقاً " .

وقرأ الكسائي وحفص " نُنْجي المؤمنين " مخففاً مِنْ أَنْجى يقال : أَنْجى ونجَّى كأَبْدَلَ وبَدَّل ، وجمهورُ القراء لم ينقلوا الخلافَ إلا في هذا دون قوله : { فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ } [ يونس : 92 ] ودونَ قوله : { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا } . وقد نقل أبو علي الأهوازي الخلافَ فيهما أيضاً ، ورُسِم في المصاحف " نُنْجِ " بجيمٍ دون ياء .