إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (103)

{ ثُمَّ نُنَجّى رُسُلَنَا } بالتشديد وقرىء بالتخفيف وهو عطفٌ على مقدر يدل عليه قوله : مثل أيام الذين خلَوا وما بينهما اعتراضٌ جيء به مسارعةً إلى التهديد ومبالغة في تشديد الوعيد كأنه قيل : أهلكنا الأمم نجينا رسلنا المرسلة إليهم .

{ والذين آمَنُواْ } وصيغةُ الاستقبالِ لحكاية الأحوالِ الماضية لتهويل أمرها باستحضار صورِها وتأخيرُ حكايةِ التنجيةِ عن حكاية الإهلاكِ على عكس ما في قوله تعالى : { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن معَهُ في الفلك } [ يونس : 73 ] الخ ، ونظائِره الواردةِ في مواقعَ عديدة ليتصل به قولُه عز وجل : { كذلك } أي مثل ذلك الإنجاء { حَقّاً عَلَيْنَا } اعتراض بين العامل والمعمول أي حق ذلك حقاً وقيل : بدل من المحذوف الذي ناب عنه كذلك أي إنجاء مثل ذلك حقاً والكاف متعلقة بقوله تعالى : { نُنَجِّى المؤمنين } أي من كل شدة وعذاب والجملة تذييل لما قبلها مقرر لمضمونه والمرادُ بالمؤمنين إما الجنسُ المتناول للرسل عليهم السلام وإما الأتباعُ فقط وإنما لم يذكر إنجاء الرسل إيذاناً بعدم الحاجة إليه وأياً ما كان ففيه تنبيهٌ على أن مدارَ النجاة هو الإيمان .