نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (103)

ولما كان التقدير : فإنا كنا في أيام الذين خلوا نوقع الرجس بالمكذبين{[38659]} ، عطف عليه بياناً لم كان يفعل بالرسل وأتباعهم إذا أهلك الظالمين قوله : { ثم ننجي } أي تنجية عظيمة وننجيهم إنجاء عظيماً{[38660]} وجاء به مضارعاً حكاية للأحوال الماضية وتصويراً لها تحذيراً لهم من مثلها وإعلاماً بأنه كذلك يفعل بهذا{[38661]} الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه رضي الله عنهم ، وأشار بأداة التراخي إلى طول زمان الابتلاء وعظيم رتبة التنجية ، وحذف مقابل الإنجاء لأن المقام بعد آية { ألا إن أولياء الله } ناظر إلى البشارة أكثر من النظر إلى النذارة { رسلنا } أي{[38662]} الذين عظمتهم من عظمتنا { والذين آمنوا } أي بالرسل{[38663]} وهم معهم في زمانهم ولو كانوا في أدنى درجات الإيمان تشريفاً للرسل فإنهم بصدد الرسوخ بملازمتهم ؛ ثم وصل بذلك تشريفاً للراسخين و{[38664]} ترغيباً في مثل حالهم قوله : { كذلك } أي كما حق علينا إهلاك الكافرين هذا الإهلاك العظيم { حقاً علينا } أي بما أوجبناه على جنابنا{[38665]} الأعظم { ننج المؤمنين } أي العريقين في الإيمان ولو كانوا{[38666]} بعد موت الرسل تنجية عظيمة وننجيهم إنجاء عظيماً ، فالآية من الاحتباك لما أشارت إليه القراءتان بالتخفيف والتثقيل{[38667]} ، أو يكون ذلك بني على سؤال من لعله يقول : هل حقوق النجاة مختص بالرسل ومن معهم ؟ فقيل : لا ، بل { كذلك } أي{[38668]} الحقوق { حقاً علينا } على ما لنا من العظمة{[38669]} { ننج المؤمنين } في كل زمن وإن لم يكن بين ظهرانيهم رسول ، لأن العلة الاتصاف بالإيمان الثابت ، فيكون الكاف مبتدأ " وننج " خبره ؛ والنظر : طلب المعنى بالقلب من جهة الذكر كما يطلب إدراك المحسوس بالعين ؛ والغنى : حصول ما ينافي الضر{[38670]} وصفة النقص ، ونقيضه الحاجة ؛ والنذر : جمع{[38671]} نذير ، من النذارة وهي الإعلام بموضع المخافة ليقع{[38672]} به السلامة ؛ والانتظار : الثبات لتوقع{[38673]} ما يكون من الحال ؛ والمثل إن كان من الجنس فهو ما سد مسد غيره في الحس ، وإن كان من غيره فالمراد ما كان فيه معنى يقرب به من غيره كقربه من جنسه كتشبيه أعمال الكافر بالسراب ؛ والنجاة من النجوة وهي الارتفاع من الهلاك .


[38659]:زيدت الواو بعده في الأصل ولم تكن في ظ فحذفناها.
[38660]:زيد من ظ.
[38661]:في ظ: هذا.
[38662]:زيد من ظ.
[38663]:من ظ، وفي الأصل: الرسل.
[38664]:سقط من ظ.
[38665]:في ظ: جانبنا.
[38666]:زيد من ظ.
[38667]:زيد من ظ.
[38668]:زيد من ظ.
[38669]:زيد من ظ.
[38670]:في ظ: الضرر.
[38671]:في ظ: جميع.
[38672]:في ظ: لتقع.
[38673]:في ظ: لتقع.