مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيۡنَا نُنجِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (103)

ثم إنه تعالى قال : { ثم ننجى رسلنا والذين آمنوا } وفيه مسائل :

المسألة الأولى : قرأ الكسائي في رواية نصير { ننجى } خفيفة ، وقرأ الباقون : مشددة وهما لغتان وكذلك في قوله : { ننجى المؤمنين } .

المسألة الثانية : ( ثم ) حرف عطف ، وتقدير الكلام كانت عادتنا فيما مضى أن نهلكهم سريعا ثم ننجي رسلنا .

المسألة الثالثة : لما أمر الرسول في الآية الأولى أن يوافق الكفار في انتظار العذاب ذكر التفصيل . فقال : العذاب لا ينزل إلا على الكفار . وأما الرسول وأتباعه فهم أهل النجاة .

ثم قال : { كذلك حقا علينا ننجى المؤمنين } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : قال صاحب «الكشاف » : أي مثل ذلك الإنجاء ننصر المؤمنين ونهلك المشركين وحقا علينا اعتراض ، يعني حق ذلك علينا حقا .

المسألة الثانية : قال القاضي قوله : { حقا علينا } المراد به الوجوب ، لأن تخليص الرسول والمؤمنين من العذاب إلى الثواب واجب ولولاه لما حسن من الله تعالى أن يلزمهم الأفعال الشاقة وإذا ثبت وجوبه لهذا السبب جرى مجرى قضاء الدين للسبب المتقدم .

والجواب : أنا نقول إنه حق بسبب الوعد والحكم ، ولا نقول إنه حق بسبب الاستحقاق ، لما ثبت أن العبد لا يستحق على خالقه شيئا .