معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّـٰفِعِينَ} (48)

قال الله عز وجل :{ فما تنفعهم شفاعة الشافعين } قال ابن مسعود : تشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون وجميع المؤمنين ، فلا يبقى في النار إلا أربعة ، ثم تلا : { قالوا لم نك من المصلين } إلى قوله : { بيوم الدين } قال عمران بن الحصين : الشفاعة نافعة لكل واحد دون هؤلاء الذين تسمعون . أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أحمد بن الحسين الحيري ، أنبأنا حاجب بن أحمد الطوسي ، حدثنا محمد بن حماد ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف أهل النار فيعذبون قال : فيمر بهم الرجل من أهل الجنة فيقول الرجل منهم يا فلان قال فيقول : ما تريد فيقول : أما تذكر رجلاً سقاك شربة يوم كذا وكذا ؟ قال فيقول : وإنك لأنت هو ؟ فيقول : نعم ، فيشفع فيه . قال : ثم يمر بهم الرجل من أهل الجنة فيقول : يا فلان ، فيقول : ما تريد ؟ فيقول : أما تذكر رجلاً وهب لك وضوءاً يوم كذا وكذا ؟ فيقول : إنك لأنت هو ؟ فيقول : نعم فيشفع له فيشفع فيه " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّـٰفِعِينَ} (48)

قال الله تعالى : { فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } أي : من كان متصفا بهذه{[29528]} الصفات فإنه لا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه ؛ لأن الشفاعة إنما تنجع إذا كان المحل قابلا فأما من وافى الله كافرا يوم القيامة فإنه له النار لا محالة ، خالدا فيها .


[29528]:- (2) في م: "بمثل هذه".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّـٰفِعِينَ} (48)

ثم أخبر تعالى أن { شفاعة الشافعين } لا تنفعهم فتقرر من ذلك أن ثم شافعين ، وفي صحة هذا المعنى أحاديث : قال صلى الله عليه وسلم : «يشفع الملائكة ثم النبيون ثم العلماء ثم الشهداء ثم الصالحون ، ثم يقول الله تعالى : شفع عبادي وبقيت شفاعة أرحم الراحمين ، فلا يبقى في النار من كان له إيمان »{[11451]} ، وروى الحسن أن الله تعالى يدخل الجنة بشفاعة رجل من هذه الأمة مثل ربيعة ومضر وفي رواية أبي قلابة أكثر من بني تميم{[11452]} ، وقال الحسن كنا نتحدث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته{[11453]} .


[11451]:حديث الشفاعة حديث طويل، وقد أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، وفي لفظ البخاري في كتاب التوحيد: (فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد امتحشوا ، فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة... الحديث)، وفي لفظ أحمد (3/94): (ثم يقول الله: شفعت الملائكة وشفع الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين، قال: فيقبض قبضة من النار، أو قال قبضتين، ناس لم يعملوا خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حميما، قال: فيؤتى بهم إلى ماء يقال له ماء الحياة...الخ) . ومعنى (امتحشوا) أنهم تناولهم اللهب فأحرق جلودهم فكشف العظم وشيط أعاليه.
[11452]:أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير، عن قتادة في قوله: (وكنا نخوض مع الخائضين) قال: يقولون: كلما غوى غاو غوينا معه، وفي قوله: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) قال: تعلموا أن الله يشفع المؤمنين يوم القيامة بعضهم في بعض، قال: وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في أمتي رجلا ليدخلن الله الجنة بشفاعته أكثر من بني تميم)، وقال الحسن: (أكثر من ربيعة ومضر).
[11453]:في آخر الحديث في الهامش السابق: (قال: وكنا نحدث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته)، وأخرجه أبو داود في الجهاد.