المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّـٰفِعِينَ} (48)

ثم أخبر تعالى أن { شفاعة الشافعين } لا تنفعهم فتقرر من ذلك أن ثم شافعين ، وفي صحة هذا المعنى أحاديث : قال صلى الله عليه وسلم : «يشفع الملائكة ثم النبيون ثم العلماء ثم الشهداء ثم الصالحون ، ثم يقول الله تعالى : شفع عبادي وبقيت شفاعة أرحم الراحمين ، فلا يبقى في النار من كان له إيمان »{[11451]} ، وروى الحسن أن الله تعالى يدخل الجنة بشفاعة رجل من هذه الأمة مثل ربيعة ومضر وفي رواية أبي قلابة أكثر من بني تميم{[11452]} ، وقال الحسن كنا نتحدث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته{[11453]} .


[11451]:حديث الشفاعة حديث طويل، وقد أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، وفي لفظ البخاري في كتاب التوحيد: (فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد امتحشوا ، فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة... الحديث)، وفي لفظ أحمد (3/94): (ثم يقول الله: شفعت الملائكة وشفع الأنبياء وشفع المؤمنون وبقي أرحم الراحمين، قال: فيقبض قبضة من النار، أو قال قبضتين، ناس لم يعملوا خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حميما، قال: فيؤتى بهم إلى ماء يقال له ماء الحياة...الخ) . ومعنى (امتحشوا) أنهم تناولهم اللهب فأحرق جلودهم فكشف العظم وشيط أعاليه.
[11452]:أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن جرير، عن قتادة في قوله: (وكنا نخوض مع الخائضين) قال: يقولون: كلما غوى غاو غوينا معه، وفي قوله: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) قال: تعلموا أن الله يشفع المؤمنين يوم القيامة بعضهم في بعض، قال: وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في أمتي رجلا ليدخلن الله الجنة بشفاعته أكثر من بني تميم)، وقال الحسن: (أكثر من ربيعة ومضر).
[11453]:في آخر الحديث في الهامش السابق: (قال: وكنا نحدث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته)، وأخرجه أبو داود في الجهاد.