قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي : ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب . فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } أي : بِعِلْمِهِم بما عندهم من العلم بك ، والكفر بذلك ، ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقي على الأرض يهودي إلا مات .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس : { فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ } فسلوا الموت .
وقال عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، قوله : { فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } قال : قال ابن عباس : لو تمنى اليهود الموت لماتوا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسِي ، حدثنا عثام ، سمعت الأعمش - قال : لا أظنه إلا عن المِنْهال ، عن سعيد بن جبير - عن ابن عباس ، قال : لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه .
وهذه أسانيد صحيحة إلى ابن عباس .
وقال ابن جرير في تفسيره : وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا . ولرأوا مقاعدهم من النار . ولو خرج الذين يُباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون{[2186]} أهلا ولا مالا " . حدثنا بذلك أبو كُرَيْب ، حدثنا زكريا بن عدي ، حدثنا عبيد الله{[2187]} بن عمرو ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ورواه الإمام أحمد عن إسماعيل بن يزيد{[2188]} الرقي [ أبي يزيد ]{[2189]} حدثنا فرات ، عن عبد الكريم ، به{[2190]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن أحمد [ قال ]{[2191]} : حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار ، حدثنا سرور بن المغيرة ، عن عباد بن منصور ، عن الحسن ، قال : قول الله ما كانوا ليتمنوه بما قدمت أيديهم . قلت : أرأيتك لو أنهم أحبوا الموت حين قيل لهم : تمنوا ، أتراهم كانوا ميتين ؟ قال : لا والله ما كانوا ليموتوا ولو تمنوا الموت ، وما كانوا ليتمنوه ، وقد قال الله ما سمعت : { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }
وهذا غريب عن الحسن . ثم هذا الذي فسر به ابن عباس الآية و المتعين ، وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة ، ونقله{[2192]} ابن جرير عن قتادة ، وأبي العالية ، والربيع بن أنس ، رحمهم الله .
ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة الجمعة : { قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الجمعة : 6 - 8 ] فهم - عليهم لعائن الله - لما زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه ، وقالوا : لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى ، دعوا إلى المباهلة والدعاء على أكذب الطائفتين منهم ، أو من المسلمين . فلما نكلوا عن ذلك علم كل أحد{[2193]} أنهم ظالمون ؛ لأنهم لو كانوا جازمين بما هم فيه لكانوا أقدموا على ذلك ، فلما تأخروا علم كذبهم . وهذا{[2194]} كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران من النصارى بعد قيام الحجة عليهم في المناظرة ، وعتوّهم وعنادهم إلى المباهلة ، فقال تعالى : { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ } [ آل عمران : 61 ] فلما رأوا ذلك قال بعض القوم لبعض : والله لئن باهلتم هذا النبيّ لا يبقى منكم عين تطرف . فعند ذلك جنحوا للسلم وبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، فضربها عليهم . وبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح ، رضي الله عنه ، أمينًا . ومثل هذا المعنى أو قريب منه قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين : { قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا } [ مريم : 75 ] ، أي : من كان في الضلالة منا أو منكم ، فزاده الله مما هو فيه ومَدّ له ، واستدرجه ، كما سيأتي تقريره في موضعه ، إن شاء الله{[2195]} .
فأما من فسر الآية على معنى : { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أي : إن كنتم صادقين في دعواكم ، فتمنوا الآن الموت . ولم يتعرض هؤلاء للمباهلة كما قرره طائفة من المتكلمين وغيرهم ، ومال إليه ابن جرير بعد ما قارب القول الأول ؛ فإنه قال : القول في تفسير{[2196]} قوله تعالى : { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وهذه الآية مما احتج الله به لنبيه صلى الله عليه وسلم على اليهود الذين كانوا بين ظهراني مُهَاجَره ، وفضح بها أحبارهم وعلماءهم ؛ وذلك أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم إلى قضية عادلة بينه وبينهم ، فيما كان بينه وبينهم من الخلاف ، كما أمره أن يدعو الفريق الآخر من النصارى إذا خالفوه في عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وجادلوه فيه ، إلى فاصلة بينه وبينهم من المباهلة . فقال لفريق [ من ]{[2197]} اليهود : إن كنتم محقين فتمنوا الموت ، فإن ذلك غير ضار بكم{[2198]} إن كنتم محقين فيما تدعون من الإيمان وقرب المنزلة من الله ، بل أعطيكم أمنيتكم من الموت إذا تمنيتم ، فإنما تصيرون إلى الراحة من تعب الدنيا ونصبها وكدر عيشها ، والفوز بجوار الله في جناته{[2199]} إن كان الأمر كما تزعمون : من أن الدار الآخرة لكم خالصة دوننا . وإن لم تعطوها علم الناس أنكم المبطلون ونحن المحقون في دعوانا ، وانكشف أمرنا وأمركم لهم فامتنعت اليهود من الإجابة إلى ذلك لعلمها{[2200]} أنها إن تمنت الموت هلكت ، فذهبت دنياها وصارت إلى خزي الأبد في آخرتها ، كما امتنع فريق [ من ]{[2201]} النصارى .
فهذا الكلام منه أوله حسن ، وأما آخره فيه نظر ؛ وذلك أنه لا تظهر الحجة عليهم على هذا التأويل ، إذ يقال : إنه لا يلزم من كونهم يعتقدون أنهم صادقون في دعواهم أنهم يتمنوا الموت فإنه لا ملازمة بين وجود الصلاح وتمني الموت ، وكم من صالح لا يتمنى الموت ، بل يود أن يعمر ليزداد خيرًا وترتفع درجته في الجنة ، كما جاء في الحديث : " خيركم من طال عمره وحسن عمله " {[2202]} . [ وجاء في الصحيح النهي عن تمني الموت ، وفي بعض ألفاظه : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به إما محسنًا فلعله أن يزداد ، وإما مسيئًا فلعله أن يستعتب " {[2203]} ]{[2204]} . ولهم مع ذلك أن يقولوا على هذا : فها أنتم تعتقدون - أيها المسلمون - أنكم أصحاب الجنة ، وأنتم لا تتمنون في حال الصحة الموت ؛ فكيف تلزمونا بما لا نُلزمكم ؟
وهذا كله إنما نشأ من تفسير الآية على هذا المعنى ، فأما على تفسير ابن عباس فلا يلزم عليه شيء من ذلك ، بل قيل لهم كلام نَصَف : إن كنتم تعتقدون أنكم{[2205]} أولياء الله من دون الناس ، وأنكم أبناء الله وأحبّاؤه ، وأنكم من أهل الجنة ومن عداكم [ من ] {[2206]}أهل النار ، فباهلوا على ذلك وادعوا على الكاذبين منكم أو من غيركم ، واعلموا أن المباهلة تستأصل الكاذب لا محالة . فلما تيقَّنوا ذلك وعرفوا صدقه نكلوا عن المباهلة لما يعلمون من كذبهم وافترائهم وكتمانهم الحق من صفة الرسول صلى الله عليه وسلم ونعته ، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ويتحققونه . فعلم كل أحد باطلهم ، وخزيهم ، وضلالهم وعنادهم - عليهم لعائن الله المتتابعة{[2207]} إلى يوم القيامة .
[ وسميت هذه المباهلة تمنيًا ؛ لأن كل محق يود لو أهلك الله المبطل المناظر له ولا سيما إذا كان في ذلك حجة له فيها بيان حقه وظهوره ، وكانت المباهلة بالموت ؛ لأن الحياة عندهم عزيزة عظيمة لما يعلمون من سوء مآلهم بعد الموت ]{[2208]} .
ولهذا قال تعالى : { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين } .
{ وَلَنْ يَتَمَنّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمينَ }
وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن اليهود وكراهتهم الموت وامتناعهم عن الإجابة إلى ما دعوا إليه من تمني الموت ، لعلمهم بأنهم إن فعلوا ذلك فالوعيد بهم نازل والموت بهم حالّ ، ولمعرفتهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من الله إليهم مرسل وهم به مكذّبون ، وأنه لم يخبرهم خبرا إلا كان حقّا كما أخبر ، فهم يحذرون أن يتمنوا الموت خوفا أن يحلّ بهم عقاب الله بما كسبت أيديهم من الذنوب ، كالذي :
حدثني محمد بن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن أبي محمد فيما يروي أبو جعفر ، عن سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس : { قُلْ إنْ كانَتْ لَكُمُ الدّارُ الاَخِرَةُ } الآية ، أي ادعوا بالموت على أيّ الفريقين أكذب ، فَأبَوْا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { وَلَنْ يَتَمَنّوْهُ أَبَدا بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ } أي لعلمهم بما عندهم من العلم بك والكفر بذلك .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك عن ابن عباس : { وَلَنْ يَتَمَنّوْهُ أبَدا } يقول : يا محمد ولن يتمنوه أبدا لأنهم يعلمون أنهم كاذبون ، ولو كانوا صادقين لتمنوه ورغبوا في التعجيل إلى كرامتي ، فليس يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم .
حدثني القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : { فَتَمَنّوُا المَوْتَ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وكانت اليهود أشدّ فرارا من الموت ، ولم يكونوا ليتمنوه أبدا .
وأما قوله : { بِمَا قَدَمَتْ أيْدِيهِمْ } فإنه يعني به بما أسلفته أيديهم . وإنما ذلك مثل على نحو ما تتمثل به العرب في كلامها ، فتقول للرجل يؤخذ بجريرة جرّها أو جناية جناها فيعاقب عليها : نالك هذا بما جنت يداك ، وبما كسبت يداك ، وبما قدمت يداك فتضيف ذلك إلى اليد ، ولعلّ الجناية التي جناها فاستحقّ عليها العقوبة كانت باللسان أو بالفرج أو بغير ذلك من أعضاء جسده سوى اليد .
قال : وإنما قيل ذلك بإضافته إلى اليد لأن عظم جنايات الناس بأيديهم ، فجرى الكلام باستعمال إضافة الجنايات التي يجنيها الناس إلى أيديهم حتى أضيف كل ما عوقب عليه الإنسان مما جناه بسائر أعضاء جسده إلى أنها عقوبة على ما جنته يده فلذلك قال جل ثناؤه للعرب : { ولَنْ يَتَمَنّوْهُ أبَدا بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ } يعني به : ولن يتمنى اليهود الموت بما قدموا أمامهم من حياتهم من كفرهم بالله في مخالفتهم أمره وطاعته في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة ، ويعلمون أنه نبيّ مبعوث . فأضاف جل ثناؤه ما انطوت عليه قلوبهم وأضمرته أنفسهم ونطقت به ألسنتهم من حسد محمد صلى الله عليه وسلم ، والبغي عليه ، وتكذيبه ، وجحود رسالته إلى أيديهم ، وأنه مما قدمته أيديهم ، لعِلمَ العرب معنى ذلك في منطقها وكلامها ، إذ كان جل ثناؤه إنما أنزل القرآن بلسانها وبلغتها . وروي عن ابن عباس في ذلك ما :
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : { بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ } يقول : بما أسلفت أيديهم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج : { بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ } قال : إنهم عرفوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم نبيّ فكتموه .
وأما قوله : { واللّهُ عَلِيم بالظالِمِينَ } فإنه يعني جل ثناؤه : والله ذو علم بظَلَمَةِ بني آدم : يهودِها ونصاراها وسائر أهل الملل غيرها ، وما يعملون . وظلم اليهود كفرهم بالله في خلافهم أمره وطاعته في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا يستفتحون به وبمبعثه ، وجحودهم نبوّته وهم عالمون أنه نبيّ الله ورسوله إليهم . وقد دللنا على معنى الظالم فيما مضى بما أغنى عن إعادته .
{ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }( 95 )
ثم أخبر تعالى عنهم بعجزهم وأنهم لا يتمنونه ، و { أبداً } ظرف زمان وإذا كانت «ما » بمعنى الذي فتحتاج إلى عائد تقديره قدمته ، وإذا كانت مع قدمت بمثابة المصدر غنيت عن الضمير ، هذا قول سيبويه ، والأخفش يرى الضمير في المصدرية ، وأضاف ذنوبهم واجترامهم إلى الأيدي وأسند تقديمها إليها إذ الأكثر من كسب العبد الخير والشر إنما هو بيديه ، فحمل جميع الأشياء على ذلك .
وقوله تعالى : { والله عليم بالظالمين } ظاهرها الخبر ومضمنها الوعيد( {[975]} ) ، لأن الله عليم بالظالمين وغيرهم ، ففائدة تخصيصهم حصول الوعيد .
وجملة { ولن يتمنوه أبداً } إلى آخره معترضة بين جملة { قل إن كانت لكم الدار الآخرة } وبين جملة { قل من كان عدواً لجبريل } [ البقرة : 97 ] والكلام موجه إلى النبيء صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إعلاماً لهم ليزدادوا يقيناً وليحصل منه تحد لليهود إذ يسمعونه ويودون أن يخالفوه لئلا ينهض حجة على صدق المخبر به فيلزمهم أن الدار الآخرة ليست لهم .
قوله : { بما قدمت أيديهم } يشير إلى أنهم قد صاروا في عقيدة مختلطة متناقضة كشأن عقائد الجهلة المغرورين فهم يعتقدون أن الدار الآخرة لهم بما دل عليه قولهم : { نؤمن بما أنزل علينا } [ البقرة : 91 ] وقولهم : { نحن أبناء الله وأحباؤه } [ المائدة : 18 ] ثم يعترفون بأنهم اجترأوا على الله واكتسبوا السيئات حسبما سطر ذلك عليهم في التوراة وفي كتب أنبيائهم فيعتذرون بأن النار تمسهم أياماً معدودة ولذلك يخافون الموت فراراً من العذاب .
والمراد بما قدمت أيديهم ما أتوه من المعاصي سواء كان باليد أم بغيرها بقرينة المقام ، فقيل عبر باليد هنا عن الذات مجازاً كما في قوله :
{ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } [ البقرة : 195 ] وكما عبر عن الذات بالعين في باب التوكيد لأن اليد أهم آلات العمل . وقيل : أريد بها الأيدي حقيقة لأن غالب جنايات الناس بها وهو كناية عن جميع الأعمال قاله الواحدي ولعل التكني بها دون غيرها لأن أجمع معاصيها وأفظعها كان باليد فالأجمع هو تحريف التوراة والأفظع هو قتل الأنبياء لأنهم بذلك حرموا الناس من هدي عظيم .
وإسناد التقديم للأيدي على الوجه الأول حقيقة وعلى الوجه الثاني مجاز عقلي .
وقوله : { والله عليم بالظالمين } خبر مستعمل في التهديد لأن القدير إذا علم بظلم الظالم لم يتأخر عن معاقبته فهذا كقول زهير :
وقد عدت هذه الآية في دلائل نبوة النبيء صلى الله عليه وسلم لأنها نفت صدور تمني الموت مع حرصهم على أن يظهروا تكذيب هذه الآية . ولا يقال لعلهم تمنوا الموت بقلوبهم لأن التمني بالقلب لو وقع لنطقوا به بألسنتهم لقصد الإعلان بإبطال هذه الوصمة فسكوتهم يدل على عدم وقوعه وإن كان التمني موضعه القلب لأنه طلب قلبي إذ هو محبة حصول الشيء وتقدم في قوله : { إلا أماني } [ البقرة : 78 ] أن الأمنية ما يقدر في القلب . وهذا بالنسبة إلى اليهود المخاطبين زمن النزول ظاهر إذ لم ينقل عن أحد منهم أنه تمنى الموت كما أخبرت الآية . وهي أيضاً من أعظم الدلائل عند أولئك اليهود على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فإنهم قد أيقن كل واحد منهم أنه لا يتمنى الموت وأيقن أن بقية قومه لا يتمنونه لأنه لو تمناه أحد لأعلن بذلك لعلمهم بحرص كل واحد منهم على إبطال حكم هذه الآية ، ويفيد بذلك إعجازاً عاماً على تعاقب الأجيال كما أفاد عجز العرب عن المعارضة علم جميع الباحثين بأن القرآن معجز وأنه من عند الله . على أن الظاهر أن الآية تشمل اليهود الذين يأتون بعد يهود عصر النزول إذ لا يعرف أن يهودياً تمنى الموت إلى اليوم فهذا ارتقاء في دلائل النبوة . وجملة { والله عليم بالظالمين } في موضع الحال من ضمير الرفع في { يتمنوه } أي علم الله ما في نفوسهم فأخبر رسوله بأن يتحداهم وهذا زيادة في تسجيل امتناعهم من تمني الموت ، والمراد بالظالمين اليهود فهو من وضع الظاهر موضع الضمير ليصفهم بالظلم .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أخبر عنهم بمعصيتهم، فقال: {ولن يتمنوه أبدا}، يعني: ولن يحبوه أبدا، يعني الموت،
{بما قدمت أيديهم} من ذنوبهم وتكذيبهم بالله ورسوله،
{والله عليم بالظالمين}، يعني: اليهود، فأبوا أن يتمنوه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لو تمنوا الموت، ما قام منهم رجل من مجلسه حتى يغصه الله عز وجل بريقه فيموت"...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
هذا خبر من الله جل ثناؤه عن اليهود وكراهتهم الموت وامتناعهم عن الإجابة إلى ما دعوا إليه من تمني الموت، لعلمهم بأنهم إن فعلوا ذلك فالوعيد بهم نازل والموت بهم حالّ، ولمعرفتهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول من الله إليهم مرسل وهم به مكذّبون، وأنه لم يخبرهم خبرا إلا كان حقّا كما أخبر، فهم يحذرون أن يتمنوا الموت خوفا أن يحلّ بهم عقاب الله بما كسبت أيديهم من الذنوب...عن ابن عباس: {قُلْ إنْ كانَتْ لَكُمُ الدّارُ الآخِرَةُ} الآية، أي ادعوا بالموت على أيّ الفريقين أكذب، فَأبَوْا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَلَنْ يَتَمَنّوْهُ أَبَدا بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ} أي لعلمهم بما عندهم من العلم بك والكفر بذلك.
...لأنهم يعلمون أنهم كاذبون، ولو كانوا صادقين، لتمنوه ورغبوا في التعجيل إلى كرامتي، فليس يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم... وكانت اليهود أشدّ فرارا من الموت، ولم يكونوا ليتمنوه أبدا.
{بِمَا قَدَمَتْ أيْدِيهِمْ}: بما أسلفته أيديهم. وإنما ذلك مثل على نحو ما تتمثل به العرب في كلامها، فتقول للرجل يؤخذ بجريرة جرّها أو جناية جناها فيعاقب عليها: نالك هذا بما جنت يداك، وبما كسبت يداك، وبما قدمت يداك فتضيف ذلك إلى اليد، ولعلّ الجناية التي جناها فاستحقّ عليها العقوبة كانت باللسان أو بالفرج أو بغير ذلك من أعضاء جسده سوى اليد.
قال: وإنما قيل ذلك بإضافته إلى اليد، لأن عظم جنايات الناس بأيديهم، فجرى الكلام باستعمال إضافة الجنايات التي يجنيها الناس إلى أيديهم حتى أضيف كل ما عوقب عليه الإنسان مما جناه بسائر أعضاء جسده إلى أنها عقوبة على ما جنته يده، فلذلك قال جل ثناؤه للعرب: {ولَنْ يَتَمَنّوْهُ أبَدا بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ} يعني به: ولن يتمنى اليهود الموت بما قدموا أمامهم من حياتهم من كفرهم بالله في مخالفتهم أمره وطاعته في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة، ويعلمون أنه نبيّ مبعوث. فأضاف جل ثناؤه ما انطوت عليه قلوبهم وأضمرته أنفسهم ونطقت به ألسنتهم من حسد محمد صلى الله عليه وسلم، والبغي عليه، وتكذيبه، وجحود رسالته إلى أيديهم، وأنه مما قدمته أيديهم، لعِلمَ العرب معنى ذلك في منطقها وكلامها، إذ كان جل ثناؤه إنما أنزل القرآن بلسانها وبلغتها... {بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ}: بما أسلفت أيديهم... {بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ}: إنهم عرفوا أن محمدا صلى الله عليه وسلم نبيّ فكتموه.
{واللّهُ عَلِيم بالظالِمِينَ}: والله ذو علم بظَلَمَةِ بني آدم: يهودِها ونصاراها وسائر أهل الملل غيرها، وما يعملون. وظلم اليهود كفرهم بالله في خلافهم أمره وطاعته في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا يستفتحون به وبمبعثه، وجحودهم نبوّته وهم عالمون أنه نبيّ الله ورسوله إليهم.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم} فيه دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه أخبر عز وجل أنهم لا يتمنون أبدا، فكان كما قال؛ فدل أنه من عند الله علم ذلك.
{بما قدمت أيديهم} من الذنوب والعصيان والتكذيب بمحمد والحسد له، وهم، والله أعلم، قد عرفوا عن صنيعهم ومآلهم عند الله من العذاب والجزاء، لكنهم قالوا ذلك على التنعت والمكابرة والسفه؛ لذلك لم يتمنوا، والله الموفق.
وقوله: {والله عليم بالظالمين} هو على الوعيد ويحتمل {عليم بالظالمين} بما يفضحهم بالحجج، ويظهر كذبهم في الدنيا لئلا يظن أحد أنه عن غفلة بما يعملون، بل خلقهم على علم منه بما يعملون.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} بما أسلفوا من موجبات النار من الكفر بمحمد وبما جاء به، وتحريف كتاب الله، وسائر أنواع الكفر والعصيان. {وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} من المعجزات لأنه إخبار بالغيب وكان كما أخبر به كقوله: {وَلَن تَفْعَلُواْ} فإن قلت: ما أدراك أنهم لم يتمنوا؟ قلت: لأنهم لو تمنوا لنقل ذلك كما نقل سائر الحوادث، ولكان ناقلوه من أهل الكتاب وغيرهم من أولى المطاعن في الإسلام أكثر من الذرّ، وليس أحد منهم نقل ذلك. فإن قلت: التمني من أعمال القلوب، وهو سر لا يطلع عليه أحد فمن أين علمت: أنهم لم يتمنوا؟ قلت: ليس التمني من أعمال القلوب إنما هو قول الإنسان بلسانه: ليت لي كذا، فإذا قاله قالوا: تمنى، وليت: كلمة التمني، ومحال أن يقع التحدي بما في الضمائر والقلوب، ولو كان التمني بالقلوب وتمنوا لقالوا: قد تمنينا الموت في قلوبنا، ولم ينقل أنهم قالوا ذلك فإن قلت: لم يقولوه لأنهم علموا أنهم لا يصدّقون. قلت: كم حكى عنهم من أشياء قاولوا بها المسلمين من الافتراء على الله وتحريف كتابه وغير ذلك مما علموا أنهم غير مصدقين فيه ولا محمل له إلا الكذب البحت ولم يبالوا، فكيف يمتنعون من أن يقولوا إنّ التمني من أفعال القلوب وقد فعلناه، مع احتمال أن يكونوا صادقين في قولهم وإخبارهم عن ضمائرهم، وكان الرجل يخبر عن نفسه بالإيمان فيصدّق مع احتمال أن يكون كاذباً لأنه أمر خافٍ لا سبيل إلى الاطلاع عليه
{والله عَلِيمٌ بالظالمين} تهديد لهم.
أما قوله تعالى: {ولن يتمنوه} فخبر قاطع عن أن ذلك لا يقع في المستقبل وهذا إخبار عن الغيب لأن مع توفر الدواعي على تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم وسهولة الإتيان بهذه الكلمة، أخبر بأنهم لا يأتون بذلك فهذا إخبار جازم عن أمر قامت الأمارات على ضده فلا يمكن الوصول إليه إلا بالوحي.
وأما قوله تعالى: {أبدا} فهو غيب آخر لأنه أخبر أن ذلك لا يوجد ولا في شيء من الأزمنة الآتية في المستقبل ولا شك أن الإخبار عن عدمه بالنسبة إلى عموم الأوقات فهما غيبان...
وإنما ذكر الظالمين لأن كل كافر ظالم وليس كل ظالم كافرا فلما كان ذلك أعم كان أولى بالذكر.
فإن قيل: إنه تعالى قال ههنا: {ولن يتمنوه أبدا} وقال في سورة الجمعة: {ولا يتمنونه أبدا} فلم ذكر ههنا (لن) وفي سورة الجمعة {لا}؟ قلنا: إنهم في هذه السورة، ادعوا أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس وادعوا في سورة الجمعة أنهم أولياء لله من دون الناس، والله تعالى أبطل هذين الأمرين بأنه لو كان كذلك لوجب أن يتمنوا الموت والدعوى الأولى أعظم من الثانية، إذ السعادة القصوى هي الحصول في دار الثواب، وأما مرتبة الولاية فهي وإن كانت شريفة إلا أنها إنما تراد ليتوسل بها إلى الجنة، فلما كانت الدعوة الأولى أعظم لا جرم بين تعالى فساد قولهم بلفظ: «لن» لأنه أقوى الألفاظ النافية، ولما كانت الدعوى الثانية ليست في غاية العظمة، لا جرم اكتفى في إبطالها بلفظ «لا» لأنه ليس في نهاية القوة في إفادة معنى النفي، والله أعلم...
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
والذي قدمته أيديهم: تكذيبهم الأنبياء، وقتلهم إياهم، وقولهم: {أرنا الله جهرة}، وقولهم: {اجعل لنا إلهاً} وقولهم: {فاذهب أنت وربك} واعتداؤهم في السبت، وسائر الكبائر التي لم تصدر من أمة قبلهم ولا بعدهم.
السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني 977 هـ :
لما كانت اليد العاملة مختصة بالإنسان آلة لقدرته، بها عامة صنائعه، ومنها أكثر منافعه، عبر بها عن النفس تارة كما هنا، وعن القدرة أخرى.
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
{وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} الظاهر أنه جملة مستأنفة معترضة غير داخلة تحت الأمر سيقت من جهته تعالى لبيان ما يكون منهم من الإحجام الدال على كذبهم في دعواهم،
والمراد لن يتمنوه ما عاشوا، وهذا خاص بالمعاصرين له صلى الله عليه وسلم، على ما روي عن نافع رضي الله تعالى عنه قال: خاصمنا يهودي وقال: إن في كتابكم {فَتَمَنَّوُاْ الموت} الخ، فأنا أتمنى الموت، فما لي لا أموت، فسمع ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فغضب، فدخل بيته وسل سيفه وخرج، فلما رآه اليهودي فرّ منه، وقال ابن عمر: أما والله لو أدركته لضربت عنقه، توهم هذا الكلب اللعين الجاهل أن هذا لكل يهودي أو لليهود في كل وقت، لا إنما هو لأولئك الذين كانوا يعاندون ويجحدون نبوّة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن عرفوا، وكانت المحاجة معهم باللسان دون السيف.
وذهب جمهور المفسرين إلى عموم حكم الآية لجميع اليهود في جميع الأعصار، ولست ممن يقول بذلك وإن ارتضاه الجم الغفير، وقالوا: إنه المشهور الموافق لظاهر النظم الكريم، اللهم إلا أن يكون ذلك بالنسبة إلى جميع اليهود المعتقدين نبوّته صلى الله عليه وسلم الجاحدين لها في جميع الأعصار لا بالنسبة إلى اليهود مطلقاً في جميعها ومع هذا لي فيه نظر بَعدُ.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
وقد ختم الآية بقوله {والله عليم بالظالمين} ليبين أنهم ظالمون في حكمهم بأن الدار الآخرة خالصة لهم وأن غيرهم من الشعوب محروم منها، وأن كل من كان مثلهم مفتاتا على الله تعالى فهو ظالم مثلهم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ويعقب على هذا التحدي بتقرير أنهم لن يقبلوا المباهلة، ولن يطلبوا الموت. لأنهم يعلمون أنهم كاذبون؛ ويخشون أن يستجيب الله فيأخذهم. وهم يعلمون أن ما قدموه من عمل لا يجعل لهم نصيبا في الآخرة. وعندئذ يكونون قد خسروا الدنيا بالموت الذي طلبوه، وخسروا الآخرة بالعمل السيئ الذي قدموه... ومن ثم فإنهم لن يقبلوا التحدي. فهم أحرص الناس على حياة. وهم والمشركون في هذا سواء: (ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم. والله عليم بالظالمين. ولتجدنهم أحرص الناس على حياة. ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة. وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر، والله بصير بما يعملون). لن يتمنوه. لأن ما قدمته أيديهم للآخرة لا يطمعهم في ثواب، ولا يؤمنهم من عقاب. إنه مدخر لهم هناك، والله عليم بالظالمين وما كانوا يعملون.
نقول إن تمني الموت المنهي عنه هو تمني اليأس وتمني الاحتجاج على المصائب.. يعني يتمنى الموت لأنه لا يستطيع أن يتحمل قدر الله في مصيبة حدثت له.. أو يتمناه احتجاجا على أقدار الله في حياته.. هذا هو تمني الموت المنهي عنه.. أما صاحب العمل الصالح فمستحب له أن يتمنى لقاء الله.. واقرأ قوله تعالى في آخر سورة يوسف: {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين "101 "} (سورة يوسف)...