إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَن يَتَمَنَّوۡهُ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (95)

وقوله تعالى : { ولن يتمنوه أبدا } كلام مستأنف غير داخل تحت الأمر سيق من جهته سبحانه لبيان ما يكون منهم من الإحجام عما دعوا إليه الدال على كذبهم في دعواهم { بما قدمت أيديهم } بسبب ما عملوا من المعاصي الموجبة لدخول النار كالكفر بالنبي عليه السلام والقرآن وتحريف التوراة . ولما كانت اليد من بين جوارح الإنسان مناط عامة صنائعه ومدار أكثر منافعه عبر بها تارة عن النفس وأخرى عن القدرة { والله عليم بالظالمين } أي بهم ، وإيثار الإظهار على الإضمار لذمهم والتسجيل عليهم بأنهم ظالمون في جميع الأمور التي من جملتها ادعاء ما ليس لهم ونفيه عن غيرهم . والجملة تذييل لما قبلها مقررة لمضمونه أي عليم بهم وبما صدر عنهم من فنون الظلم والمعاصي المفضية إلى أفانين العذاب ، وبما سيكون منهم من الاحتراز عما يؤدي إلى ذلك فوقع الأمر كما ذكر فلم يتمن منهم موته أحد ، إذ لو وقع ذلك لنقل واشتهر . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه ، وما بقي يهودي على وجه الأرض " .