بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَن يَتَمَنَّوۡهُ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (95)

يعني بما عملوا من المعاصي . قال الزجاج : في هذه الآية أعظم حجة وأظهر دلالة على صحة رسالته صلى الله عليه وسلم ، لأنه قال لهم : { فتمنوا الموت } وأعلمهم أنهم لن يتمنوه أبداً فلم يتمنه واحد منهم . وفي هذه الآية دليل أن «لن » لا تدل على التأبيد ، لأنهم يتمنون الموت في الآخرة خلافاً لقول المعتزلة في قولهم : لن تراني ويقال : إن قوله ( لن ) إنما يقع على الحياة الدنيا خاصة ، ولم يقع على الآخرة لأنهم يتمنون الموت في النار إذا كانوا في جهنم ، ولو أنهم سألوا الموت في الدنيا ولم يموتوا ، وكان في ذلك تكذيباً لقول النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان في ذلك أيضاً ذهاب معجزته . فلما لم يتمنوا الموت ، ثبت بذلك عندهم أنه رسول الله وظهر عندهم معجزته ، وظهر أن الأمر كما قال تعالى : { والله عَلِيمٌ بالظالمين } ، فهو عليم بهم وبغيرهم من الظالمين ؛ وإنما الفائدة هاهنا أنه عليم بمجازاتهم .