قوله تعالى : { ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة } ، أي : تميل إليه ، والصغو : الميل ، يقال : صغو فلان معك ، أي : ميله ، والفعل منه : صغى يصغي ، صغاً ، وصغى يصغى ، ويصغو صغواً ، والهاء راجعة إلى زخرف القول .
قوله تعالى : { وليرضوه وليقترفوا } ، ليكتسبوا .
قوله تعالى : { ما هم مقترفون } ، يقال : اقترف فلان مالاً أي اكتسبه .
وقال تعالى : { ومن يقترف حسنةً } [ الشورى :23 ] ، وقال الزجاج : أي ليعملوا من الذنوب ما هم عاملون .
وقوله تعالى : { وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ } أي : ولتميل إليه - قاله ابن عباس - { أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ } أي : قلوبهم وعقولهم وأسماعهم .
وقال السُّدِّي : قلوب الكافرين ، { وَلِيَرْضَوْهُ } أي : يحبوه ويريدوه . وإنما يستجيب لذلك من لا يؤمن بالآخرة ، كما قال تعالى : { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ . مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ . إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } [ الصافات : 161 - 163 ] ، وقال تعالى : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ . يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } [ الذاريات : 8 ، 9 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلِتَصْغَىَ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مّقْتَرِفُونَ } .
يقول تعالى ذكره : { وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلّ نَبِيّ عَدُوّا شَياطِينَ الإنْسِ والجِنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورا وَلِتَصْغَى إلَيْهِ } .
يقول جلّ ثناؤه : يوحي بعض هؤلاء الشياطين إلى بعض المزيّن من القول بالباطل ، ليغرّوا به المؤمنين من أتباع الأنبياء ، فيفتنوهم عن دينهم وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أفْئِدَةُ الّذِين لا يُؤْمِنُونَ بالاَخِرَةِ . يقول : ولتميل إليه قلوب الذين لا يؤمنون بالاَخرة .
وهو من صغوتَ تَصْغَى وتَصْغُو ، والتنزيل جاء بتَصْغَى صَغْوا وصُغُوّا ، وبعض العرب يقول صَغَيْت بالياء حُكي عن بعض بني أسد : صَغَيْتُ إلى حديثه ، فأنا أصْغَى صُغِيّا بالياء ، وذلك إذا ملت ، يقال : صَغْوي معك : إذا كان هواك معه وميلك ، مثل قولهم : ضِلَعي معك ، ويقال : أصغيت الإناء : إذا أملته ليجتمع ما فيه ومنه قول الشاعر :
تَرَى السّفِيهَ بِهِ عَنْ كُلّ مُحْكَمَةٍ ***زَيْغٌ وَفِيهِ إلى التّشْبِيهِ إصْغاءُ
ويقال للقمر إذا مال للغيوب : صَغَا وأصْغَى .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أفْئِدَةُ يقول : تزيغ إليه أفئدة .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ، في قوله : وَلِتَصْغَى إلَيْه أفْئِدَةُ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالاَخِرَةِ قال : لتميل .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أفْئِدَةُ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالاَخِرَةِ يقول : تميل إليه قلوب الكفار ويحبونه ويرضون به .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أفْئِدَةُ الّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بالاَخِرَةِ قال : ولتصغى : وليهووا ذلك وليرضوه ، قال : يقول الرجل للمرأة : صَغَيْتُ إليها : هوِيتها .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرفُونَ .
يقول تعالى ذكره : وليكتسبوا من الأعمال ما هم مكتسبون .
حُكي عن العرب سماعا منها : خرج يقترف لأهله ، بمعنى يكسب لهم ، ومنه قيل : قارف فلان هذا الأمر : إذا واقعه وعمله . وكان بعضهم يقول : هو التهمة والادّعاء ، يقال للرجل : أنت قرفتني : أي اتهمتني ، ويقال : بئسما اقترفت لنفسك . وقال رؤبة :
أعْيا اقْتِرَافُ الكَذِبِ المَقْرُوفِ ***تَقْوَى التّقِيّ وَعِفّةَ العَفِيفِ
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : وَلِيَقْتَرِفُوا قال أهل التأويل .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ وليكتسبوا ما هم مكتسبون .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ قال : ليعملوا ما هم عاملون .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ قال : ليعملوا ما هم عاملون .
{ ولتصغى إليهم أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة } عطف على { غرورا } إن جعل علة ، أو متعلق بمحذوف أي وليكون ذلك { جعلنا لكل نبي عدوا } . والمعتزلة لما اضطروا فيه قالوا : اللام لام العاقبة أو لام القسم كسرت لما لم يؤكد الفعل بالنون أو لام الأمر وضعفه أظهر ، والصغو : الميل والضمير لما له الضمير في فعلوه . { وليرضوه } لأنفسهم . { وليقترفوا } وليكتسبوا . { ما هم مقترفون } من الآثام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.