غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلِتَصۡغَىٰٓ إِلَيۡهِ أَفۡـِٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَلِيَرۡضَوۡهُ وَلِيَقۡتَرِفُواْ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ} (113)

111

الصغو في اللغة الميل . يقال في المستمع إنه مصغ إذا مال بحاسته إلى ناحية الصوت . وأصغى الإناء إذا أماله حتى انصب بعضه في بعض . ويقال للقمر إذا مال إلى الغروب صغا وأصغى . قال الجوهري : صغا يصغو ويصغي صغواً أي مال ، وكذلك صغى بالكسر يصغي بالفتح صغى وصغياً ، واللام في { ولتصغي } لا بد لها من متعلق فقالت الأشاعرة : التقدير وإنما جعلنا مثل ذلك الشخص عدوّاً للنبي لتميل { إليه } أو إلى قوله المزخرف { أفئدة } الكفار فيبعدوا بذلك السبب عن قبول دعوة النبي { وليرضوه } وليختاروه على أنفسهم { وليقترفوا } وليكتسبوا من الآثام { ما هم مقترفون } وقال الجبائي : إن هذا الكلام خرج مخرج الأمر ومعناه الزجر كقوله : واستفزز من استطعت منهم بصوتك } [ الإسراء : 64 ] . وزيف بأن حمل لام كي على لام الأمر تحريف . وقال الكعبي : هي لام العاقبة تقديره : ولتميل إلى ما ذكر من عداوة الأنبياء ووسوسة الشياطين أفئدة الكفار جعلنا لكل نبي عدواً . وعن أبي مسلم أنها معطوفة على موضع { غرور } والتقدير : يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول ليغتروا بذلك ولتميل قلوب الكفار إلى المذاهب الباطلة . وأورد عليه أن ميل القلوب إلى الآراء الفاسدة هو عين الاغترار فيلزم عطف الشيء على نفسه . وهاهنا بحث وهو أن الأشاعرة قالوا : البنية ليست شرطاً للحياة ، فالحي هو الجزء الذي قامت الحياة به ، والعالم هو الجزء الذي قام العلم به . وقالت المعتزلة : الحي والعالم هو الجملة لا ذلك الجزء . حجة الأشاعرة أنه جعل الموصوف بالميل والرغبة في الآية هو القلب لا جملة الحي ، وبمثله استدل من جعل المتعلق الأول للنفس هو القلب لا مجموع البدن .

/خ121