محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلِتَصۡغَىٰٓ إِلَيۡهِ أَفۡـِٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَلِيَرۡضَوۡهُ وَلِيَقۡتَرِفُواْ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ} (113)

/ [ 113 ] { ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون ( 113 ) } .

{ ولتصغى إليه } أي : يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول ، ليغرهم به ، ولتميل إليه { أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة } لمساعدته لهم على أهوائهم ، { وليرضوه } أي : لأنفسهم بعد ما مالت إليه قلوبهم ، { وليقترفوا } أي : وليكتسبوا بموجب ارتضائهم له ، { ما هم مقترفون } أي : من الآثام .

قال القاشاني : فتقوى غواتهم ، ويتظاهرون ، ويخرج ما فيهم من الشرور إلى الفعل ، ويزدادوا طغيانا وتعديا على النبي ، فتزداد قوة كماله ، وتهيج أيضا بسببه دواعي المؤمنين ، والذين في استعدادهم مناسبة للنبي ، فتنبعث حميتهم ، وتزداد محبتهم للنبي ، ونصرهم إياه ، فتظهر عليهم كمالاتهم .

لطيفة :

إنما خص بالذكر عدم إيمانهم بالآخرة ، دون ما عداها من الأمور التي يجب الإيمان بها ، وهم بها كافرون ، إشعارا بما هو المدار في صغو أفئدتهم إلى ما يلقى إليهم ، فإن لذات الآخرة محفوفة في هذه النشأة بالمكاره ، وآلامها مزينة بالشهوات ، فالذين لا يؤمنون بها ، وبأحوال ما فيها ، لا يدرون أن وراء تلك المكاره لذات ، ودون هذه الشهوات آلاما ، وإنما ينظرون إلى ما بدا لهم في الدنيا بادئ الرأي . فهم مضطرون إلى حب الشهوات ، التي من جملتها مزخرفات الأقاويل ، ومموهات الأباطيل . وأما المؤمنون بها ، فحيث كانوا واقفين على حقيقة الحال ، ناظرين إلى عواقب الأمور ، لم يتصور منهم الميل إلى تلك المزخرفات ، لعلمهم ببطلانها ، ووخامة عاقبتها – أفاده أبو السعود- .