معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَآءَ بِسَخَطٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (162)

قوله تعالى : { أفمن اتبع رضوان الله } . فترك الغلول .

قوله تعالى : { كمن باء بسخط من الله } . فعل .

قوله تعالى : { ومأواه جهنم وبئس المصير } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَآءَ بِسَخَطٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (162)

وقوله : { أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } أي : لا يستوي من اتبع رضوان الله فيما شرعه ، فاستحق رضوان الله وجزيل ثوابه وأُجِير من وَبِيل عقابه ، ومن استحق غضب الله وألزم به ، فلا محيد له عنه ، ومأواه يوم القيامة جهنم وبئس المصير .

وهذه لها نظائر في القرآن كثيرة كقوله تعالى : { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى } [ الرعد : 19 ] وكقوله { أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [ ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ] {[6097]} } [ القصص : 61 ] .


[6097]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَآءَ بِسَخَطٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (162)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ أَفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَآءَ بِسَخْطٍ مّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : أفمن اتبع رضوان الله في ترك الغلول كمن باء بسخط من الله بغلوله ما غلّ . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن طريف ، عن الضحاك في قوله : { أفَمَنِ اتّبَعَ رِضُوَانَ اللّهِ } قال : من لم يغلّ . { كَمَنْ بَاءَ بَسَخطٍ مِنَ اللّهِ } : كمن غلّ .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني سفيان بن عيينة ، عن مطرف بن مطرف ، عن الضحاك قوله : { أفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ } قال : من أدّى الخمس . { كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِنَ اللّهِ } : فاستوجب سخطا من الله .

وقال آخرون في ذلك بما :

حدثني به ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { أفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ } على ما أحبّ الناس وسخطوا ، { كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِنَ اللّهِ } لرضا الناس وسخطهم ؟ يقول : أفمن كان على طاعتي ، فثوابه الجنة ورضوان من ربه ، كمن باء بسخط من الله ، فاستوجب غضبه ، وكان مأواه جهنم وبئس المصير ؟ أسوأ المثلان ؟ أي فاعرفوا .

وأولى التأولين بتأويل الاَية عندي ، قول الضحاك بن مزاحم¹ لأن ذلك عقيب وعبيد الله على الغلول ونهيه عباده عنه ، ثم قال لهم بعد نهيه عن ذلك ووعيده ، أسواء المطيع لله فيما أمره ونهاه ، والعاصي له في ذلك : أي أنهما لا يستويان ولا تستوي حالتاهما عنده ، لأن لمن أطاع الله فيما أمره ونهاه : الجنة ، ولمن عصاه فيما أمره ونهاه : النار . فمعنى قوله : { أفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِنَ اللّهِ } إذا : أفمن ترك الغلول وما نهاه الله عنه عن معاصيه وعمل بطاعة الله في تركه ذلك وفي غيره مما أمره به ونهاه من فرائضه ، متبعا في كل ذلك رضا الله ، ومجتنبا سخطه ، { كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِنَ اللّهِ } يعني : كمن انصرف متحملاً سخط الله وغضبه ، فاستحقّ بذلك سكنى جهنم ، يقول : ليسا سواء . وأما قوله : { وَبِئْسَ المَصِير } فإنه يعني : وبئس المصير الذي يصير إليه ويئوب إليه من باء بسخط من الله جهنم .