إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِ كَمَنۢ بَآءَ بِسَخَطٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (162)

{ أَفَمَنِ اتبع رضوان الله } أي سعى في تحصيله وانتحى نحوَه حيثما كان بفعل الطاعاتِ وتركِ المنكرات كالنبي ومن يسير بسيرته { كَمَن بَاء } أي رجع { بِسَخطٍ } عظيم لا يقادَرُ قدرُه كائنٍ { مِنَ الله } تعالى بسبب معاصيه كالغالِّ ومن يَدين بدينه ، والمرادُ تأكيدُ نفي الغلولِ عن النبي عليه الصلاة والسلام وتقريرُه بتحقيق المباينةِ الكليةِ بينه وبين الغالِّ حيث وُصف كلٌّ منهما بنقيض ما وُصف به الآخَرُ فقوبل رضوانُه تعالى بسَخَطه ، والاتِّباعُ بالبَوْء ، والجمع بين الهمزةِ والفاءِ لتوجيه الإنكارِ إلى ترتب توهُّمِ المماثلةِ بينهما والحُكمِ بها على ما ذُكر من حال الغالِّ كأنه قيل : أبعد ظهورِ حالِهِ يكونُ مَنْ ترقّى إلى أعلى عِلِّيين كمَنْ ترَدَّى إلى أسفلِ سافلين ؟ وإظهارُ الاسمِ الجليلِ في موضع الإضمارِ لإدخال الرَّوْعةِ وتربيةِ المهابة { وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ } إما كلامٌ مستأنَفٌ مَسوقٌ لبيان مآلِ أمْرِ مَنْ باء بسَخَطه تعالى ، وإما معطوفٌ على قوله تعالى باء بسخط عطفَ الصِلةِ الاسميةِ على الفعلية ، وأياً ما كان فلا محلَّ له من الإعراب { وَبِئْسَ المصير } اعتراضٌ تذييليٌّ ، والمخصوصُ بالذم محذوفٌ أي وبئس المصيرُ جهنمُ ، والفرقُ بينه وبين المرجِعِ أو الأولَ يُعتبر فيه الرجوعُ على خلاف الحالةِ الأولى بخلاف الثاني .