معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

{ وأنا لما سمعنا الهدى } القرآن وما أتى به محمد ، { آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً } نقصاناً من عمله وثوابه ، { ولا رهقاً } ظلماً . وقيل : مكروهاً يغشاه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

قوله تعالى : " وأنا لما سمعنا الهدى " يعني القرآن " آمنا به " وبالله ، وصدقنا محمدا صلى الله عليه وسلم على رسالته . وكان صلى الله عليه وسلم مبعوثا إلى الإنس والجن . قال الحسن : بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإنس والجن ، ولم يبعث الله تعالى قط رسولا من الجن ، ولا من أهل البادية ، ولا من النساء ، وذلك قوله تعالى : " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى " [ يوسف : 109 ] وقد تقدم هذا المعنى{[15461]} . وفي الصحيح : [ وبعثت إلى الأحمر والأسود ] أي الإنس والجن .

قوله تعالى : " فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا " قال ابن عباس : لا يخاف أن ينقص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته ؛ لأن البخس النقصان

والرهق : العدوان وغشيان المحارم ، قال الأعشى :

لا شيء ينفعني من دون رؤيتها *** هل يَشْتَفِي وَامِقٌ ما لم يُصِبْ رهقا

الوامق : المحب ، وقد وَمِقَه يمِقه بالكسر أي : أحبه ، فهو وامق . وهذا قول حكاه الله تعالى عن الجن ؛ لقوة إيمانهم وصحة إسلامهم . وقراءة العامة " فلا يخاف " رفعا على تقدير فإنه لا يخاف . وقرأ الأعمش ويحيى وإبراهيم{[15462]} " فلا يخف " جزما على جواب الشرط وإلغاء الفاء .


[15461]:راجع جـ 9 ص 274.
[15462]:في أ، ح: "ويحيي عن إبراهيم",
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

ولما كان الظانّ قد يبادر على العمل{[69108]} بموجب ظنه وقد لا ، بينوا{[69109]} أن مرادهم به العلم ، وأنهم بادروا إلى العمل بما دعا إليه ، فقالوا مؤكدين لما للجن من الإباء والعسر : { وإنا لما سمعنا } أي من النبي صلى الله عليه وسلم { الهدى } أي القرآن الذي له{[69110]} من العراقة التامة{[69111]} في صفة البيان والدعاء إلى الخير ما سوغ أن يطلق عليه نفس الهدى : { آمنا به } أي من غير وقفة أصلاً عملاً بما له من هذا الوصف العظيم .

ولما كان التقدير : فآمنا بسبب إيماننا الذي قادنا إليه حفظ السماء من الإيقاع بنا لتمام قدرته علينا الذي هدانا إليه منعنا من الاستماع بالحراسة ، سببوا عن ذلك قولهم معترفين بالعجز عن مقاومة التهديد{[69112]} من الملك طالبين التحصن بتحصينه والاعتصام بحبله : { فمن يؤمن } أي يوجد حقيقة الإيمان ويستمر على تجديدها كل لحظة .

ولما فهموا أن دعاءه إليه وبيانه للطريق مع قدرته التامة إنما هو من عموم لطفه ورحمته ، ذكروا وصف الإحسان{[69113]} لزيادة الترغيب فقالوا : { بربه } أي المحسن إليه منا ومن غيرنا .

ولما كان المؤمن هو المختص من بين{[69114]} الخلق بالنجاة ، أدخل الفاء على الجواب ورفعه على تقدير مبتدأ دلالة على ذلك وعلى أن نجاتهم ما لا بد منه فقال : { فلا } أي فهو خاصة لا{[69115]} { يخاف } أصلاً { بخساً } أي نقصاً وقلة وخبثاً ونكداً في الثواب والإكرام بوجه من الوجوه { ولا رهقاً * } أي مكروهاً يلحقه{[69116]} فيقهره لأنه لم يفعل مع أحد شيئاً من ذلك ليجازى عليه ، فهذا حث للمؤمن على اجتناب ذلك لئلا يجازى به ، وقد{[69117]} هدى السياق إلى تقدير : {[69118]}ومن{[69119]} يشرك به فلا ، يأمن محقاً ولا صعقاً{[69120]} .


[69108]:-من ظ وم، وفي الأصل: العلم.
[69109]:- من ظ وم، وفي الأصل: يثبتوا.
[69110]:- من ظ وم، وفي الأصل: هو.
[69111]:- من ظ وم، وفي الأصل: الثابتة.
[69112]:- من ظ وم، وفي الأصل: التقدير.
[69113]:- من ظ وم، وفي الأصل: الإنسان.
[69114]:- من ظ وم، وفي الأصل: بيان.
[69115]:- زيد من ظ وم.
[69116]:-زيد في الأصل: فيقره، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[69117]:- وقع في الأصل فقط بياض قدر ثلاث كلمات.
[69118]:- من ظ وم، وفي الأصل: فمن.
[69119]:- من ظ وم، وفي الأصل: فمن.
[69120]:- زيد في الأصل: انتهى، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.