الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

{ لَمَّا سَمِعْنَا الهدى ا } هو سماعهم القرآن وإيمانهم به { فَلاَ يَخَافُ } فهو لا يخاف ، أي فهو غير خائف ؛ ولأنّ الكلام في تقدير مبتدأ وخبر دخلت الفاء ، ولولا ذاك لقيل : لا يخف .

فإن قلت : أي فائدة : في رفع الفعل وتقدير مبتدأ قبله حتى يقع خبراً له ووجوب إدخال الفاء ، وكان ذلك كله مستغنى عنه بأن يقال : لا يخف ؟ قلت : الفائدة فيه أنه إذا فعل ذلك ، فكأنه قيل : فهو لا يخاف ، فكان دالاً على تحقيق أنّ المؤمن ناج لا محالة وأنه هو المختص بذلك دون غيره وقرأ الأعمش : فلا يخف ، على النهي { بَخْساً وَلاَ رَهَقاً } أي جزاء بخس ولا رهق ، لأنه لم يبخس أحداً حقاً ولا رهق ظلم أحد فلا يخاف جزاءهما . وفيه دلالة على أن من حق من آمن باللَّه أن يجتنب المظالم . ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : « المؤمن من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم » ويجوز أن يراد : فلا يخاف أن يبخس بل يجزى الجزاء الأوفى ، ولا أن ترهقه ذلة ، من قوله عز وجل : { ترهقهم ذلة } [ القلم : 43 ] .