قوله : { وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الهدى } ، يعني القرآن «آمنَّا بِهِ » ، وباللَّه ، وصدقنا محمداً صلى الله عليه وسلم على رسالته ، وكان صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إلى الإنس والجنِّ .
قال الحسن - رضي الله عنه - بعث محمدٌ صلى الله عليه وسلم إلى الإنس والجن ولم يبعث الله قط رسولاً من الجنِّ ولا من أهل البادية ولا من النِّساء ، وذلك قوله تعالى :{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ القرى }{[58150]}[ يوسف : 109 ] .
وفي الحديث : «بُعثْتُ إلى الأحْمَرِ والأسْودِ » ، أي : الإنس والجن{[58151]} . وقد تقدم هذا الكلام في سورة الأنعام في قوله تعالى : { يَا مَعْشَرَ الجن والإنس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ }[ الآية : 130 ] .
قوله : { فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً } .
قال ابنُ عباس : لا يخاف أن ينقص من حسناته ، ولا أن يزاد في سيئاته{[58152]} ؛ لأن البخس : النقصان ، والرهق : العدوان ، وغشيان المحارمِ ، وقد تقدم في بيت الأعشى .
قوله : «فَلا يَخَافُ » ، أي : فهو لا يخافُ ، أي فهو غير خائف ؛ ولأن الكلام في تقدير مبتدأ وخبر فلذلك دخلت الفاءُ ، ولولا ذلك لقيل : لا يخف ، قاله الزمشخريُّ .
ثم قال : «فإن قلت : أي فائدة في رفع الفعل ، وتقدير مبتدأ قبله حتى يقع خبراً له ووجوب إدخال الفاء ، وكان كل ذلك مستغنى عنه بأن يقال : لا يخف ؟ .
قلتُ : الفائدة أنَّه إذا فعل ذلك فكأنه قيل : " فهُو لا يخَافُ " ، فكان دالاً على تحقيق أن المؤمن ناجٍ لا محالة وأنَّه هو المختص بذلك دُون غيره » .
قال شهاب الدين{[58153]} : «وسببُ ذلك أن الجملة تكون اسمية حينئذٍ ، والاسمية أدلُ على التحقيقِ والثبوتِ من الفعلية » .
وقرأ ابن وثاب{[58154]} والأعمشُ : بالجزم ، وفيها وجهان :
أحدهما : ولم يذكر الزمخشريُّ غيره ، أن «لا » نافية ، والفاء حينئذ واجبة{[58155]} .
والثاني : أنها نافية ، والفاء حينئذٍ زائدةٌ ، وهذا ضعيفٌ .
وقوله «بَخْساً » ، فيه حذف مضاف ، أي : جزاء بخس ، كذا قرره الزمخشريُّ .
وقرأ ابن{[58156]} وثاب : «بَخَساً » بفتح الخاء .
قال القرطبيُّ{[58157]} : وقرأ الأعمش ويحيى وإبراهيم : «فَلا يَخفْ » جزماً على جواب الشرط ، وإلغاء الفاء أيضاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.