البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعۡنَا ٱلۡهُدَىٰٓ ءَامَنَّا بِهِۦۖ فَمَن يُؤۡمِنۢ بِرَبِّهِۦ فَلَا يَخَافُ بَخۡسٗا وَلَا رَهَقٗا} (13)

{ وأنا لما سمعنا الهدى } : وهو القرآن ، { آمنا به } : أي بالقرآن ، { فمن يؤمن بربه فلا يخاف } : أي فهو لا يخاف .

وقرأ ابن وثاب والأعمش والجمهور : { فلا يخاف } ، وخرجت قراءتهما على النفي .

وقيل : الفاء زائدة ولا نفي وليس بشيء ، وكان الجواب بالفاء أجود من المجيء بالفعل مجزوماً دون الفاء ، لأنه إذا كان بالفاء كان إضمار مبتدأ ، أي فهو لا يخاف .

والجملة الاسمية أدل وآكد من الفعلية على تحقق مضمون الجملة .

{ بخساً } ، قال ابن عباس : نقص الحسنات ، { ولا رهقاً } ، قال : زيادة في السيئات ، { ولا رهقاً } ، قيل : تحميل ما لا يطاق .

وقال الزمخشري : أي جزاء بخس ولا رهق ، لأنه لم يبخس أحداً حقاً ولا رهق ظلم أحد ، فلا يخاف جزاءهما .

ويجوز أن يراد : فلا يخاف أن يبخس بل يجزى الجزاء الأوفى ، ولا أن ترهقه ذلة من قوله عز وجل : { ترهقهم ذلة } انتهى .

وقرأ الجمهور : { بخساً } بسكون الخاء ؛ وابن وثاب : بفتحها .