معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

قوله تعالى : { وجعلنا لكم فيها معايش } ، جمع معيشة ، قيل : أراد بها المطاعم والمشارب والملابس وهي ما يعيش به الآدمي في الدنيا ، { ومن لستم له برازقين } ، أي : جعلنا فيها من لستم له برازقين من الدواب والأنعام ، أي : جعلناها لكم وكفيناكم رزقها و{ من } في الآية بمعنى ما كقوله تعالى : { فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين } [ النور-45 ] . وقيل : { من } في موضعها ، لأنه أراد المماليك مع الدواب . وقيل : { من } في محل الخفض عطفا على الكاف والميم في { لكم } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

16

ويشترك في ظل التضخيم جمع( معايش ) وتنكيرها ، وكذلك ( ومن لستم له برازقين )من كل ما في الأرض من أحياء على وجه الإجمال والإبهام . فكلها تخلع ظل الضخامة الذي يجلل المشهد المرسوم .

والآية الكونية هنا تتجاوز الآفاق إلى الأنفس . فهذه الأرض الممدودة للنظر والخطو ؛ وهذه الرواسي الملقاة على الأرض ، تصاحبها الإشارة إلى النبت الموزون ؛ ومنه إلى المعايش التي جعلها الله للناس في هذه الأرض . وهي الأرزاق المؤهلة للعيش والحياة فيها . وهي كثيرة شتى ، يجملها السياق هنا ويبهمها لتلقي ظل الضخامة كما أسلفنا . جعلنا لكم فيها معايش ، وجعلنا لكم كذلك ( من لستم له برازقين ) . فهم يعيشون على أرزاق الله التي جعلها لهم في الأرض . وما أنتم إلا أمة من هذه الأمم التي لا تحصى . أمة لا ترزق سواها إنما الله يرزقها ويرزق سواها ، ثم يتفضل عليها فيجعل لمنفعتها ومتاعها وخدمتها أمما أخرى تعيش من رزق الله ، ولا تكلفها شيئا

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

{ معايش } : جمع معيشة . وبعد الألف ياء تحتية لا همزة كما تقدم في صدر سورة الأعراف .

{ ومن لستم له برازقين } عطف على الضمير المجرور في { لكم } ، إذ لا يلزم للعطف على الضمير المجرور المنفصل الفصْلُ بضمير منفصل على التحقيق ، أي جعلنا لكم أيها المخاطبين في الأرض معايش ، وجعلنا في الأرض معايش لمن لستم له برازقين ، أي لمن لستم له بمطعمين .

وما صدق { مَنْ } الذي يأكل طعامه مما في الأرض ، وهي الموجودات التي تقتات من نبات الأرض ولا يعقلها النّاس .

والإتيان ب { مَن } التي الغالب استعمالها للعاقل للتغليب .

ومعنى { لستم له برازقين } نفي أن يكونوا رازقيه لأن الرزق الإطعام . ومصدر رَزَقه الرّزق بفتح الراء . وأما الرِّزق بكسر الراء فهو الاسم وهو القوت .