فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

{ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ( 20 ) }

{ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا } أي في الأرض { مَعَايِشَ } تعيشون بها من المطاعم والمشارب جمع معيشة وهي ما يعيش به الإنسان مدة حياته في الدنيا ، وقيل هي الملابس ، وقيل هي التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة ، قال الماوردي : وهو الظاهر .

قلت : والأول أظهر قال النسفي هي بياء صريحة بخلاف الخبائث ونحوها فإن تصريح الياء فيها خطأ انتهى . وقرئ بالهمز على التشبيه بشمائل ، وقد ذكر في الأعراف وهي شاذة وقراءة الجمهور بالياء لأنها في المفرد أصلية لأن مفرده معيشة من العيش فالياء أصلية والمد في المفرد لا يقلب همزا في الجمع إلا إذا كان زائدا في المفرد قاله في الجمل .

{ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } عطف على معايش أو على محل لكم وهم المماليك والعبيد والخدم والدواب والأولاد الذين رازقهم في الحقيقة هو الله وإن ظن بعض العباد أنه الرازق لهم باعتبار استقلاله بالكسب ، وهذا في غاية الامتنان والمعنى على الثاني وجعلنا لمن لستم له برازقين فيها معايش ، وهم من تقدم ذكره ويدخل في ذلك الدواب على اختلاف أجناسها ، وقيل أراد الوحش قاله منصور . وقال مجاهد : الأنعام ، وقيل الطيور ، ومنه قوله : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } .