التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

قوله : ( وجعلنا لكم فيها معايش ) المعايش جمع ، ومفرده : المعيشة . وهي المطعم والمشرب الذي يعاش به ؛ فقد ذلل الله الأرض للإنسان وجعلها صالحة لمعاشه فيجني منها في سهولة ويسر ما يحتاجه من طعام وشراب ولباس ومأوى . ذلك من نعم الله على الإنسان ؛ إذ خلقه على هذا الكوكب وذلّل فيه من أسباب العيش السليم ما يجد فيه راحته وأمنه في هذه الدنيا إلى أن تحين ساعة الفراق بالموت والرحيل إلى دار البقاء .

قوله : ( ومن لستم له برازقين ) ( من ) ، يجوز أن تكون في موضع نصب ورفع . فالنصب بالعطف على قوله : ( معايش ) وقيل : منصوب بتقدير فعل وتقديره : جعلنا لكم فيها معايش وأعشنا من لستم له برازقين .

أما الرفع : فهو الابتداء ، وخبره محذوف{[2444]} . والمراد بمن لستم له برازقين : الدواب والأنعام والأولاد . ولفظ ( مَنِ ) ، يتناول من يعقل وما لا يعقل إذا اجتمعوا . والمعنى : أن الله جعل للناس في هذه الأرض معايش ولمن ليسوا له برازقين من العيال والدواب والأنعام والخدم وغيرهم ممن لا يرزقهم سوى الله{[2445]} .


[2444]:- البيان للأنباري جـ 2 ص66.
[2445]:- تفسير الرازي جـ19 ص 175 والكشاف جـ2 ص 389 وتفسير القرطبي جـ10 ص 13.