ثم يفصل فيما هم كاذبون : ( ما اتخذ الله من ولد ، وما كان معه من إله ) . . ثم يأتي بالدليل الذي ينفي دعواهم ، ويصور ما في عقيدة الشرك من سخف واستحالة : إذا لذهب كل إله بما خلق مستقلا بما خلقه ، يصرفه حسب ناموس خاص ؛ فيصبح لكل جزء من الكون ، أو لكل فريق من المخلوقات ناموس خاص لا يلتقي فيه بناموس عام يصرف الجميع . ( ولعلا بعضهم على بعض )بغلبة سيطرته وتصريفه على الكون الذي لا يبقى ولا ينتظم إلا بناموس واحد ، وتصريف واحد ، وتدبير واحد .
وكل هذه الصور لا وجود لها في الكون ، الذي تشهد وحدة تكوينه بوحدة خالقه ، وتشهد وحدة ناموسه بوحدة مدبره . وكل جزء فيه وكل شيء يبدو متناسقا مع الأجزاء الأخرى بلا تصادم ولا تنازع ولا اضطراب . . ( سبحان الله عما يصفون ) . .
وفي قوله تعالى : { وما كان معه من إله } دليل على التمانع وهذا هو الفساد الذي تضمنه قوله { ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }{[8533]} [ الأنبياء : 22 ] والجزء المخترع محال أن يتعلق به قدرتان فصاعداً أو يختلف الإلهان في إرادة فمحال نفوذهما ومحال عجزهما فإذا نفذت إرادة الواحد فهو العالي والآخر ليس بإله ، فإذا قيل نقدرهما{[8534]} لا يختلفان في إرادة قيل ذلك بفرض ، فإذا جوزه الكفار قامت الحجة فإن ما التزم جوازه جار{[8535]} في الحجة جرى ما التزم وقوعه ، وقوله { إذاً } جواب لمحذوف تقديره لو كان معه إله { إذاً لذهب } وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم «عالمِ » بكسر الميم اتباعاً للمكتوبة{[8536]} في قوله { سبحان الله } ، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم «عالمُ » بالرفع والمعنى هو «عالم » قال الأخفش : الجر أجود ليكون الكلام من وجه واحدٍ قال أبو علي : ووجهه الرفع إن الكلام قد انقطع .
قال الفقيه الإمام القاضي : والابتداء عندي{[8537]} أبرع والفاء في قوله { فتعالى } عاطفة بالمعنى كأنه قال : علم الغيب والشهادة { فتعالى } وهذا كما تقول زيد شجاع فعظمت منزلته ويحتمل أن يكون المعنى فأقول تعالى { عما يشركون } على إخبار مؤتنف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.