تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

الآية 91 : وقوله تعالى : { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق }جائز أن يكون كل حرف من هذه الحروف موصولا بعضه ببعض بما{[13528]} تقدم . وجائز أن يكون كل حرف من هذه الأحرف منفصلا عن الأول مستبدا بذاته .

فإن كان على الأول فيكون قوله : { ما اتخذ الله من ولد } لو{[13529]} كان اتخذ ولدا لكان إلها ، إذ الولد يكون من جنس الوالد ومن جوهره ، لا يكون من خلاف جوهره ولا من غير جنسه في المتعارف .

فإذا كان إلها من الوجه الذي ذكرنا { إذا لذهب كل إله بما خلق } .

وإن كان منفصلا فهو على ما ذكر من فساد ذلك كله لأنه قال : ولو كان معه إله على ما زعموا{ إذا لذهب كل إله بما خلق }من الخير والشر ( وذهبت ){[13530]} الدلالة على ألوهيته{ ولعلا بعضهم على بعض }أي قهر ، وغلب بعضهم بعضا على ما يكون من عادة ملوك الأرض . فإذا كان ما قالوا ذهبت دلالة الألوهية والربوبية . فإذا لم يكن ذلك دل أنه واحد لا شريك معه ، ولا ولد له ؛ إذ اتساق التدبير وجري الأشياء على حد واحد وسنن واحد دل على ألوهية واحد لا لعدد ؛ إذ لو كان لعدد لكان ما ذكر : { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }( الأنبياء : 22 ) ثم معلوم أن مثل هذا الاحتجاج لا يكون مع الذين ينكرون ألوهية الله ، ويعبدون الأصنام ، وهم مشركو العرب وكفار مكة ، ولكن إنما يكون مع الذين يقرون بألوهية الله ، لكن يجعلون معه شريكا لحاجة تقع له ، وهم الثنوية والدهرية والمجوس وأولئك الذين يجعلون خالق الشر غير خالق الخير وخالق هذا غير خالق هذا .

فيكون قوله : { سبحان الله عما يصفون }على هذا ، أي يتعالى عما وصفوه بالحاجة له في خلق ما خلق والنفع له في ذلك .


[13528]:في الأصل وم لما.
[13529]:في الأصل وم ولو.
[13530]:في الأصل وم:و.