التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

{ إذا لذهب كل إله بما خلق } هذا برهان على الوحدانية ، وبيانه أن يقال : لو كان مع الله إلها آخر لانفرد كل واحد منهما بمخلوقاته عن مخلوقات الآخر ، واستبد كل واحد منهما بملكه وطلب غلبة الآخر والعلو عليه كما ترى حال ملوك الدنيا ولكن لما رأينا جميع المخلوقات مرتبطة بعضها ببعض حتى كأن العالم كله كرة واحدة ، علمنا أن مالكه ومدبره واحد ، لا إله غيره وليس هذا البرهان بدليل التمانع كما فهم ابن عطية وغيره ، بل هو دليل آخر .

فإن قيل : إذ لا تدخل إلا على كلام هو جزاء وجواب ، فكيف دخلت هنا ولم يتقدم قبلها شرط ولا سؤال سائل ؟ فالجواب : أن الشرط محذوف تقديره لو كان معه آلهة وإنما حذف لدلالة قوله : { وما كان معه من إله } ، وهو جواب للكفار الذين وقع الرد عليهم .