السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

قال تعالى رداً عليهم :

{ ما اتخذ الله } أي : الذي لا كفء له { من ولد } أي : لا من الملائكة ولا من غيرهم لما قام من الأدلة على غناه وأنه لا مجانس له ، ولما كان الولد أخص من مطلق الشريك قال تعالى : { وما كان معه } أي : بوجه من الوجوه { من إله } يشابهه في الألوهية { إذاً } لو كان معه إله آخر { لذهب كل إله بما خلق } بالتصرف فيه وحده ليتميز ما له مما لغيره .

فإن قيل : إذاً لا تدخل إلا على كلام هو جزاء وجواب ، فكيف وقع قوله تعالى : { لذهب } جزاءً وجواباً ، ولم يتقدمه شرط ولا سؤال سائل ؟ أجيب : بأن الشرط محذوف تقديره ولو كان معه آلهة ، وإنما حذف لدلالة قوله تعالى : وما كان معه من إله عليه وهو جواب لمن معه المحاجة من المشركين { ولعلا بعضهم } أي : بعض الآلهة { على بعض } إذا تخالفت أوامرهم ، فلم يرض أحد منهم أن يضاف ما خلقه إلى غيره ، ولا أن يمضي فيه أمر على غير مراده كما هو مقتضى العادة ، فلا يكون المغلوب إلهاً لعجزه ولا يكون مجيراً غير مجار عليه بيده وحده ملكوت كل شيء . ولما طابق الدليل الإلزامي نفي الشريك نزه نفسه الشريفة بما هو نتيجة ذلك من قوله تعالى : { سبحان الله } أي : المتصف بجميع صفات الكمال المنزه عن شائبة كل نقص { عما يصفون } من كل ما لا يليق بجناية المقدس من الأنداد والأولاد لما سبق من الدليل على فساده .