البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

ثم نفى اتخاذ الولد وهو نفي استحالة ونفي الشريك بقوله { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ } أي وما كان معه شريك في خلق العالم واختراعهم ولا في غير ذلك مما يليق به من الصفات العلى ، فنفي الولد تنبيه على من قال : الملائكة بنات الله ، ونفي الشريك في الألوهية تنبيه على من قال : الأصنام آلهة ، ويحتمل أن يراد به إبطال قول النصارى والثنوية و { مِن وَلَدٍ } و { مِنْ إِلَهٍ } نفي عام يفيد استغراق الجنس ، ولهذا جاء { إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله } ولم يأت التركيب إذاً لذهب الإله .

ومعنى { لَذَهَبَ } أي لا نفرد { كُلُّ إله } بخلقه الذي خلق واستبد به وتميز ملك كل واحد عن ملك الآخر وغلب بعضهم بعضاً كحال ملوك الدنيا ، وإذا لم يقع الإنفراد والتغالب فاعلموا أنه إله واحد وإذا لم يتقدمه في اللفظ شرط ولا سؤال سائل ولا عدة قالو : فالشرط محذوف تقديره ، ولو كان معه آلهة وإنما حذف لدلالة قوله { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ } عليه وهذا قول الفراء : زعم أنه إذا جاء بعدها اللام كانت لو وما دخلت عليه محذوفة وقد قررنا تخريجاً لها على غير هذا في قوله { وَإِذاً لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } في سورة الإسراء : والظاهر أن ما في { بِمَا خَلَقَ } بمعنى الذي وجوز أن تكون مصدرية .

{ سبحان الله عَمَّا يَصِفُونَ } تنزيه عن الولد والشريك .

وقرئ عما تصفون بتاء الخطاب .