فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

{ مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ } «من » في الموضعين زائدة لتأكيد النفي . ثم بين سبحانه ما يستلزمه ما يدّعيه الكفار من إثبات الشريك ، فقال : { إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ } وفي الكلام حذف تقديره لو كان مع الله آلهة لانفرد كل إله بخلقه واستبدّ به وامتاز ملكه عن ملك الآخر ، ووقع بينهم التطالب والتحارب والتغالب { وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ } أي غلب القويّ على الضعيف وقهره وأخذ ملكه كعادة الملوك من بني آدم ، وحينئذٍ فذلك الضعيف المغلوب لا يستحق أن يكون إلها ، وإذا تقرّر عدم إمكان المشاركة في ذلك ، وأنه لا يقوم به إلا واحد تعين أن يكون هذا الواحد هو الله سبحانه ، وهذا الدليل كما دلّ على نفي الشريك فإنه يدلّ على نفي الولد ؛ لأن الولد ينازع أباه في ملكه . ثم نزّه سبحانه نفسه فقال : { سبحان الله عَمَّا يَصِفُونَ } أي : من الشريك والولد وإثبات ذلك لله عزّ وجلّ .

/خ98