قوله تعالى : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله } . فيه إضمار تقديره ، مثل صدقات الذين ينفقون أموالهم . قوله تعالى : { كمثل } . زارع .
قوله تعالى : { حبة } . وأراد بسبيل الله الجهاد ، وقيل جميع أبواب الخير .
قوله تعالى : { أنبتت } . أخرجت .
قوله تعالى : { سبع سنابل }ز جمع سنبلة .
قوله تعالى : { في كل سنبلة مائة حبة } . فإن قيل فما رأينا سنبلة فيها مائة حبة فكيف ضرب المثل به ، قيل : ذلك متصور ، غير مستحيل ، وما لا يكون مستحيلاً جاز ضرب المثل به وإن لم يوجد ، معناه : في كل سنبلة مائة حبة إن جعل الله فيها ، وقيل موجود في الدخن ، وقيل معناه أنها إن بذرت أنبتت مائة حبة ، فما حدث من البذر الذي كان فيها كان مضافاً إليها ، وكذلك تأوله الضحاك فقال : كل سنبلة أنبتت مائة حبة .
قوله تعالى : { والله يضاعف لمن يشاء } . قيل معناه يضاعف هذه المضاعفة لمن يشاء ، وقيل معناه : يضاعف على هذا ويزيد لمن يشاء ما بين سبع إلى سبعين إلى سبعمائة إلى ما شاء الله من الأضعاف مما لا يعلمه إلا الله .
كانت الدروس الثلاثة الماضية في هذا الجزء تدور - في جملتها - حول إنشاء بعض قواعد التصور الإيماني ؛ وإيضاح هذا التصور ؛ وتعميق جذوره في نواح شتى . وكان هذا محطا في خط السورة الطويلة ؛ التي تعالج - كما أسلفنا - إعداد الجماعة المسلمة للنهوض بتكاليف دورها في قيادة البشرية .
والأن نواجه النصوص القرآنية في هذا الدرس تفصيلا :
( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة . والله يضاعف لمن يشاء . والله واسع عليم ) . .
إن الدستور لا يبدأ بالفرض والتكليف ؛ إنما يبدأ بالحض والتأليف . . إنه يستجيش المشاعر والانفعالات الحية في الكيان الإنساني كله . . إنه يعرض صورة من صور الحياة النابضة النامية المعطية الواهبة : صورة الزرع . هبة الأرض أو هبة الله . الزرع الذي يعطي أضعاف ما يأخذه ، ويهب غلاته مضاعفة بالقياس إلى بذوره . يعرض هذه الصورة الموحية مثلا للذين ينفقون أموالهم في سبيل الله :
( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة ) . .
إن المعنى الذهني للتعبير ينتهي إلى عملية حسابية تضاعف الحبة الواحدة إلى سبعمائة حبة ! أما المشهد الحي الذي يعرضه التعبير فهو أوسع من هذا وأجمل ؛ وأكثر استجاشة للمشاعر ، وتأثيرا في الضمائر . . إنه مشهد الحياة النامية . مشهد الطبيعة الحية . مشهد الزرعة الواهبة . ثم مشهد العجيبة في عالم النبات : العود الذي يحمل سبع سنابل . والسنبلة التي تحوي مائة حبة !
وفي موكب الحياة النامية الواهبة يتجه بالضمير البشري إلى البذل والعطاء . إنه لا يعطي بل يأخذ ؛ وإنه لا ينقص بل يزاد . . وتمضي موجة العطاء والنماء في طريقها . تضاعف المشاعر التي استجاشها مشهد الزرع والحصيلة . . إن الله يضاعف لمن يشاء . يضاعف بلا عدة ولا حساب . يضاعف من رزقه الذي لا يعلم أحد حدوده ؛ ومن رحمته التي لا يعرف أحد مداها :
واسع . . لا يضيق عطاؤه ولا يكف ولا ينضب . عليم . . يعلم بالنوايا ويثبت عليها ، ولا تخفى عليه خافية .
{ مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة } أي مثل نفقتهم كمثل حبة ، أو مثلهن كمثل باذر حبة على حذف المضاف . { أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } أسند الإنبات إلى الحبة لما كانت من الأسباب ، كما يسند إلى الأرض والماء ، والمنبت على الحقيقة هو الله تعالى والمعنى : أنه يخرج منها ساق يتشعب لكل منه سبع شعب ، لكل منها سنبلة فيها مائة حبة . وهو تمثيل لا يقتضي وقوعه وقد يكون في الذرة والدخن في البر في الأراضي المغلة . { والله يضاعف } تلك المضاعفة . { لمن يشاء } بفضله وعلى حسب حال المنفق من إخلاصه وتعبه ، ومن أجل ذلك تفاوتت الأعمال في مقادير الثواب . { والله واسع } لا يضيق عليه ما يتفضل به من الزيادة . { عليم } بنية المنفق وقدر إنفاقه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.